د. بسمان الموسوي : “القيم الجمالية في موهبة الأبداع في كتابة العمل الأدبي “

  • 1/2/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

موهبة اﻷبداع في كتابة العمل اﻷدبي تبدأ مع الشخص من سن مبكرة يرافقها أهتمام الشخص بتنمية قدراته حيث يبدأ الكاتب في محاكاة النماذج اﻷدبية و من ثم تتربى لديه عادة اﻷلفة بأستقبال و تسجيل اﻷفكار . ‏‎ فيما يتعلق بالتحضير لعمل معين قد يعثر الكاتب على فكرة في كتاب أو في طريق أو موقف عابر ، أو تبرق في خياله أو تتداعى إلى ذهنه. و تظل الفكرة في منطقة حية من شعوره تتجمع من حولها اﻷلوان و اﻷفكار حتى تسطع أخيرا كالشمس بعد رحلة كان الكاتب فيها إيجابيا معها . يتجلى اﻷبداع في كتابة العمل الأدبي في أكتشافات روحية تظهر بصماتها في تفسير مميز في التجسيد الحي ﻷدراك الذات . تأريخ اﻷدب و الشعر دائما هو أنعكاس للواقع ، و اتساع وأثراء لمعرفة اﻷنسان الجمالية و تحول العالم من خلاله . ‏‎الشعر يمثل شكلا أدبيا يجد له أرضية واسعة و عريضة من المتلقين تتنوع فيها المستويات الفكرية و التعليمية و المهنية و العمرية ، أن ذلك يبرز و بوضوح أهمية الشعر في الأدب و أهمية وظيفته في الحياة الأجتماعية للجماهير على أختلاف أنتماءاتها . ‏بناء العمل اﻷدبي يشتمل على الكاتب المبدع الذي يبدع العمل اﻷدبي ، و الجمهور الذي يتلقى هذا العمل ، ثم العمل اﻷدبي نفسه الذي يتضمن خبرة هذا اﻷديب الناتجة عن أحتكاكه بالواقع بكل ما يضمه من مؤثرات ، باﻷضافة إلى المعاناة الشخصية لهذا الأديب . الأبداع في كتابة العمل اﻷدبي يعكس في أسلوبه قيمنا اﻷيجابية و السلبية و يسعى من خلال اﻷساليب و اﻷشكال المختلفة الى الكشف عما هو مناسب و مطلوب . ‏‎الأدب يؤثر في اﻷتجاهات السلوكية للجمهور الذي يتبنى العمل اﻷدبي لذلك يجب أن يكون من أهم الوسائل للضبط اﻷجتماعي في المجتمع . ‏‎الشعر يعتبر أحد عناصر الحضارة و أحد أشكال الوعي اﻷجتماعي التي تعكس الواقع في تصورات فنية . اﻷدب له فضل على العلم حيث أن دوره ضروري للبقاء الجسدي و الروحي ، و في رأيي أن اﻷدب يزيل ما علق بأنسان العصر من توترات الحياة المعقدة . مستوى التقدم العلمي و اﻷدب و الفن يؤثر في مجرى النمو اﻷجتماعي و التأريخي للحضارة لذا يصبح تأثير اﻷدب غير كافي حين نهمل تأثير العلم . ‏مهمة اﻷديب تتركز في عملية تحويل الواقع العام بجفاف واقعيته الى واقع جزئي خاص داخل أطار اﻷدب وفق قدر من الخيال الخصب و الﻻواقعية . ‏‎العلم محدود و حدوده يجب أن تكون وفق العقل و المنطق و لكن الخيال في كتابة العمل اﻷدبي في الشعر لا حدود له . ‏الخيال يبدأ في النمو منذ فترة مبكرة من العمر و يمكن تمييز القدرة على التخيل من ظاهرتين تبرزان في الصغر هما ظاهرة الرفيق الخيالي التي يعيشها اﻷطفال أبتداء من نهاية السنة الثالثة من العمر ، و ظاهرة التصور اﻷرتسامي التي يتمتع بها اﻷطفال أيضا ، و يمكن أن تستمر مع البعض حتى عمر متقدم . ‏الخيال عملية ذهنية ذات مستويات و خصائص متعددة و هو يرتبط بأحد قطبي المحور الذي ترتد إليه كل العمليات العقلية . ‏‎الخيال البشري يتطلب شبكة عصبية واسعة النطاق في مساحة العمل الذهني الذي يرتبط بأحد قطبي المحور في الدماغ ، و التي تعالج بوضوح الصور ، و الرموز ، و الأفكار ، و النّظريات ، التي تُعطي البشر التركيز الذهني ( كالليزر ) المُراد لحل المشاكل المعقّدة و الخروج بأفكار جديدة . ‏موهبة الأبداع في كتابة العمل الأدبي تعتمد ظاهرة التصور اﻷرتسامي في الخيال وفق أسلوب علمي في أستكشاف يربط بين الكيان العام للوجود و جزئيات هذا الكيان . ‏‎التصور اﻷرتسامي في الخيال المتمركز في خلايا و تلافيف تلك اﻷنسجة الرهيفة المتشابكة في مراكز المخ الذي يأتي في لمحة سريعة لامعة ينساب في أنفعالات مبرقة يظل يتقاطر حتى يفيض بفيض ألهام ، فيطفو فوق الذهن ثم ينتشر في الدم ممسكا بتلابيب أرادة الكاتب المبدع .. يفيض بفيض ألهام في صورة شعرية أو في لوحة فنية ليشده بعيدا عما يكابده . ‏الكاتب المبدع هو الذي يستطيع أن يكون بجهده الصوت المدوي بوجه الغربة في التعبير الصادق عن روح اﻷنسان و في سعيه ﻷيقاظه على قسوة ما يحدث به في العالم الشائك الذي يعيشه ، حتى و أن لم يستطيع أن يهده سبيل اﻷنعتاق . و في الختام و في هذه المساحة الضيقة أود أن أقول .. يبقى الأبداع و القدرات اﻷبداعية في الأدب و الفن سر من اﻷسرار الداخلية في الكائن البشري بعيدة كل البعد عن تأطيرها بتعريف محدد .

مشاركة :