السريحي يفكك مصطلح الإرهاب ويؤكد على اللغة كأداة من أدواته

  • 8/27/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في محاضرته المعنونة بـ (تفكيك خطاب الإرهاب) والتي أقيمت بالنادي الأدبي الثقافي بالطائف أثار الدكتور سعيد السريحي خلافا من قبل المداخلين والمعلقين على المحاضرة التي أدارها الدكتور عائض الثبيتي مساء الاثنين الماضي. بدأ الدكتور سعيد السريحي محاضرته بالحديث عن اتفاق الشعوب والدول على الخطر الذي باتت تشكله الجماعات الإرهابية على حياتها وممتلكاتها، وأن الدول وان اختلفت سياساتها تتفق على ضرورة مكافحة الإرهاب غير أن هذا الاتفاق لم يحل دون الاختلاف حول تعريف الإرهاب واستشهد على ذلك بعدة تعريفات لعدة دول وعدة لجان قانونية دولية والتي في مجملها لا تسلم من غموض لا يتحقق معه مفهوم الحد في المنطق من حيث الوضوح الذي يجعله موضع اتفاق ينبني على كونه جامعاً مانعاً كما ينبغي في الحد أن يكون، حيث قاد هذا الغموض إلى اختلاف سياسات الدول تجاه هذه الجماعات الإرهابية غير أن ما يجمع بين هذه التعريفات على تباين تفاصيلها يتمثل فيما تستهدفه الجماعات الإرهابية من وراء عملياتها من إثارة الرعب والخوف والفزع في المجتمع، وهو الأمر الذي لا يحتاج تعريفاً كي يتم الوقوف عليه فاستبطان الدلالة اللغوية لمصطلح ((الإرهاب )) من شأنه أن يحيل على الأثر الذي يتركه في المجتمع والمتمثل في حالة الفزع والخوف، ما يقتضي أن يكون تعريف الإرهاب منطلقاً من أثره في المجتمع وبذلك يصبح الحدث في العمل الإرهابي فعلاً رمزياً يستمد خطورته ومقدرته على التأثير من كون الضحية أو الضحايا الذين يتعرضون له ليسوا مقصودين في حد ذاتهم، وكان من الممكن أن يكون غيرهم في مكانهم. وإذا ما كان الحدث الإرهابي حدثاً رمزيا أو عنفاً رمزياً فإنه يحتاج إلى وسائط يمكن لها أن تعلن عنه من ناحية وتوسع دائرة تأثيره من ناحية أخرى بحيث لا ينتهي الإرهاب بوقوع الحدث وإنما يبدأ منه، وبذلك تصبح الوسائط المختلفة من لغة وصورة ثابتة ومتحركة وأخبار وبيانات لغة وآليات لتحقيق هذا الإرهاب وأهدافه. وحين تصبح اللغة أداة من أدوات الإرهاب سواء كانت ناقلة لأخبار عملياته أو متوعدة بمزيد منها، وسواء كانت تعبر عن حقائق أو تطلق جملة من الشائعات التي ترفع وتيرة الترقب وتسهم في توسيع دائرة الرعب، حين تصبح اللغة كذلك وتلعب هذا الدور، فإن بإمكاننا أن نرى الإرهاب من هذه الزاوية إرهاباً لغوياً يتمترس خلف استراتيجيات لغوية، يمتلك خطاباً مستدرجاً حيناً ومهدداً حيناً آخر وهو في كلتا الحالتين يتكئ على مرجعيات عقدية تتجلى في تبنيه نصوصا تتوافق مع سياسته وأهدافه ويصادر غيرها من النصوص، كما يتكئ على مرجعيات تاريخية يهدف من ورائها إلى استخدام الماضي من أجل تقويض الحاضر وبناء مستقبل لا يخرج عن أن يكون استعادة للماضي الذي قامت بإعادة صياغته وتقديمه كنموذج لتحقق من خلاله أهدافها وغاياتها، وهذا يمثل الشفرة المشتركة التي تشكل قاسما بين الجماعات الإرهابية وبين المجتمع الذي تتخذه تلك الجماعات مجالا لتنفيذ عملياتها أي قاسما مشتركا بين الجلاد والضحية مما يحقق قدرتها على خلخلة ثقة المجتمع بمرجعياته. وقال في نهاية محاضرته علينا كي نفهم الإرهاب أولا وكي نتصدى له ثانيا أن نتفهم المرجعية الدينية والتاريخية التي يستند إليها، وأن نحلل مكونات الخطاب الذي يضمن له استمراراً وبدون ذلك فإن كافة الجهود لن تتجاوز القضاء على بعض جماعاته وبؤره وخلاياه فيما يظل يتناسل في الخفاء كتنظيمات وفي العلن كأفكار.

مشاركة :