أعادت حادثة الأميركي عمر متين، الذي قتل 50 شخصا وأصاب 53 آخرين في ملهى ليلي بمدينة "أورلاندو" بولاية فلوريدا الأميركية يوم الأحد 13 يونيو الماضي، قبل أن تقتله الشرطة، المصطلحات الإعلامية لدائرة الضوء، إذ اعتبره الخطاب الإعلامي أحد "الذئاب المنفردة"، وهو الوصف الذي يمكن أيضا إطلاقه على الإرهابي الذي سقط مساء أول من أمس في جدة أيضا. وبرز المصطلح على يد تنظيم القاعدة في مجلة "إنسباير" التي تصدر عن التنظيم منذ 2010، وكان أول مقال بها لمؤسسها أنور العولقى بعنوان "الذئاب المنفردة.. كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك"، حيث إنه كان يقصد بالذئب المنفرد "الجهاد الفردي" وفقا لدراسة إماراتية جذب "الذئاب المنفردة" وتجنيدها وتوجيهها إلكترونيا من خلال أكثر من 90 ألف صفحة على موقعي فيسبوك وتويتر باللغة العربية، و40 ألفا بلغات أخرى. غياب اكتسب مصطلح الذئاب المنفردة قوة أكبر عام 2011، بعد مقتل أسامة بن لادن، نتيجة اضطرار عدد كبير من العناصر الإرهابية للعودة إلى بلدانهم، هربا من ملاحقات أميركا ليشكلوا بعد ذلك مجموعات ذئاب منفردة في هذه الدول. تصدر هذه المصطلحات واجهة الخطاب الإعلامي من وقت لآخر وطرحت من جانب آخر مسألة غياب العالم العربي عن المشاركة في صناعة وتوليد مثل هذه المصطلحات، ويذهب بعض المراقبين للسخرية مشيرين إلى دور العرب في ابتكار "العلوج" وهي المفردة القديمة، التي أحياها وزير إعلام نظام صدام العراقي محمد سعيد الصحاف إبان الغزو الأميركي للعراق 2003 . صناعة غربية المصطلحات التي تشهد رواجا في الخطاب الإعلامي بين وقت وآخر لها تأثير في العلاقات ما بين الأطراف المتنازعة، أو المتحاربة، ناهيك عن دورها في تكوين الرأي العام، ويمكن أن تتحول المصطلحات الإعلامية، إلى وسيلة ضغط أيضا وورقة تفاوض لها ثقلها، إذا ما استخدمت بمهارة وبراعة عبر تسويقها ونشرها، بحيث تعزز موقف من أطلق المصطلح أيا كان، في مواجهته خصومه. ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أن المصطلحات في العمل الإعلامي ضرورة للتوضيح عند نقل المعلومات، لأنها تختصر المسافة وتغني عن الكثير من الشروحات. ولعل المؤسف هنا أن جل هذه المصطلحات باتت ابتكارات وصناعة غربية، ونحن في العالم العربي نبقى مجرد مستهلكين، والمفارقة تكمن أحيانا في تضارب ترجمة ونقل هذه المصطلحات بين العرب. أكثم سليمان إعلامي سوري مقيم في برلين
مشاركة :