في الصداقة قالوا الكثير الكثير، وأعطوا أهميةً كبرى لوجود الصديق في حياة الفرد، حتى أنهم وصفوا الفقير بأنه من لا صديق له! المرء يصعد درجات في حياته بحُسن اختياره لأصدقائه، يقول جونسون (من أراد معرفة قيمته، أحصى عدد أصدقائه)!!، وكلما كان أصدقاؤك هم من استمروا معك من أيام طفولتك ومقاعد الدراسة الأولى وحتى الآن كان ذلك أدعى أن يُطلق عليه الصديق الصدوق، وكانت علاقته معك أقوى على مرِّ الزمان، لا يُشترط أن يكون قريباً منك جغرافياً فقد تبعده عنك مسافات ومسافات إلا أنه يبقى هو الأقرب إلى قلبك والأعز على نفسك، وما أجمل تلك العلاقة الأخوية التي تربطني بصديقةِ العمر ورفيقةِ الدرب أختي العزيزة/ نوره بنت محمد التريكي، اشتركنا في مقعدٍ دراسيٍّ واحد من أيام المرحلة الابتدائية ثم أعقبتها باقي المراحل الدراسية حتى تخرَّجنا معاً، ووجدنا أنفسنا نعمل سويَّاً في مدرسةٍ ابتدائيةٍ واحدةٍ كمعلمات، ثم افترقنا ليصبح لكل منَّا حياتها وأسرتها وعيالها وأيضاً طموحها، ولكننا ما زلنا (أعزُّ صديقتين) حفظها الله وأبقاها على الدوام عزيزةً غاليةً. وحتى يكون لك أصدقاء حقيقيون لا بد أن تكون أنت صديقاً ولا تنتظر أن يبدأ الآخرون خطواتهم تجاهك، كن أنت المبادر، ودع الأيام تنسج قصةً جميلة للصداقة، واعلم أن ثمار الصداقة ليست شعيراً تزرعه اليوم فتحصده في الغد، إن ثمارها كأشجار المانجو التي لا تُثمر إلا بعد سنوات سبع، أو كأشجار البلوط التي لا تظلك أوراقها إلا بعد سنوات طويلة، الصداقة الحقة هي نباتٌ بطيءُ النمو، ولكنه إذا اكتمل قطفتَ وجنيتَ خيراً!! ويأتي فقدان الصديق في حياتنا كموتٍ يسرق معه ضحكتنا التي لطالما جلجلت المكان بوجوده معنا! أختي وصديقتي العزيزة الغالية/ منيرة بنت سعيد القو -يرحمها الله ويسكنها فسيح جناته- فقدتُها فجأةً، فبكيتها سنوات طوال وما زلت!! نعم،، عندما نفقد صديقاً نموت قليلاً!! أصدقاؤنا هم إضاءةٌ مشرقةٌ في حياتنا، هم من يُساندوننا إن أخطأنا، هم مرآتنا الصادقة في الشدائد، هم من يصفقون لنجاحاتنا، وهم من يشاركوننا فرحة الفوز حتى لو تفوَّقنا عليهم بدرجاتٍ ودرجاتٍ من حظوظ الدنيا! الصديق الصدوق هو ثاني النفس وثالث العينين، يقول المثل الهندي (من لديه صديق حقيقي لا يحتاج إلى مرآة)! وصدق من قال: إن خيرَ الأصدقاء من يذكّرك بالله إذا نسيته، وشرهم من يتركك في النسيان. في مساءِ الجمعة الماضي ظهرت أسمى معاني الصداقة الحقيقية في حفلٍ بهيجٍ عشنا أجواءه في سعادةٍ غامرةٍ، وقفت أختنا فريدة الطحلاوي في مقدمة القاعة تستقبل كلَّ مُحباتها اللاتي جئن لمشاركتها حفل زفاف ابنتها، وكانت تُجاورها أختنا وفاء زارع تُشاركها الفرحة وحرارة المشاعر فهي التي اختارت لابنها الشاب/ منصور عروسُهُ الجميلة/ جواهر. نحن المدعوات تربطنا علاقةُ صداقةٍ وأخوةٍ قويةٍ جداً بالأخت العزيزة/ فريدة، معاً -ومعنا عشرات المخلصين والمخلصات- رسمنا خارطة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية حتى غدت الشرقية من أكثر المناطق التعليمية تميزاً. هذه الأمسية أعطت للصداقة عُمقاً كبيراً، وأثبتت أن هذه الصداقة ليست (صداقة الكراسي والمناصب)، بل إنها صداقةُ العُمر هي التي تستمر معنا حتى آخر الرمق، صداقة الكراسي عُمرها قصيرٌ جداً، تنتهي ببداية تقديم أوراق (المُغادرة) وتتلاشى سريعاً مع أول توقيع اعتماد (المرشح البديل)! هذه الأمسية الجميلة جمعتنا بأخواتٍ لنا لم نرهم منذ سنوات -بحكم المشاغل الدنيوية ومستجدات الحياة-. كنَّا نُسارع الخُطى في القاعة ليسبق أحدُنا الآخر بالسلامِ والترحيبِ الحار، الكل كان سعيداً، ليس فقط لجمال المكان وأناقته، ولرقي الاستعدادات، فهذه وإن كانت قد أضافت شعوراً بالسعادة إلا أنَّ ما يجعلك (تطير فرحاً) هي تلك الثقة العالية بنفسك بأنك لستَ صديق الكراسي! الأخت فريدة دعت كل صديقة مقرَّبة، وجاءت رفقة عُمر وهو المسمَّى الجميل لمجموعتنا التي تربطنا مع بعض في أسمى معاني الأخوة والصداقة الحقة، لتكون في مقدمةِ الحضور وآخر الانصراف (وعذرا لاستخدام المصطلح التقليدي للدوام الرسمي) فهذا ما رأيته. في الختام: ألم أقل لكم إنَّها أمسيةٌ رائعةٌ تغنَّى فيها ضوء القمر!!
مشاركة :