وقفات مع فريج اليهود ومقبرة اليهود بالأحساء في رواية الليدي تالين

  • 1/9/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر الأستاذ فوزي صادق رواية عنوانها ( الليدي تالين) ، و هي تحكي قصة فتاة يهودية مع عائلتها في الأحساء في أواخر الحكم العثماني الثاني للأحساء ، و حملت سطورها أحداثا تاريخية في قالب فني جمع بين الذاكرة التاريخية و السرد الأدبي. و تبين في أثناء القراءة وقوع الكاتب في فخ الأخبار الشعبية عند الحديث عن بعض المواضع و جاءت بعض عناوين الرواية غير متناغمة مع الرصد التاريخي ، و في هذا السياق أختار الحديث عن موضوعين تناولهما الكاتب و هما : -فريج اليهود. -مقبرة اليهود. أولا-فريج اليهود : هذا عنوان الكاتب في الصفحة رقم 141 ، و ذكر أنه حارة تقع في مكان عُرف بالسنود ، و قطنها عشرات من العوائل اليهودية المهاجرة ، و روى أن المتصرف العثماني محمد نافذ باشا أمر كبار اليهود السكن بجوار ضاحية السنود. أقول : -هذا عنوان مبالغ فيه و غير مستند إلى أدلة تاريخية قاطعة. -عبارة : عشرات من العوائل اليهودية تقتضي الكثرة ، و هذه الكثرة لم تثبت تاريخيا فاليهود القادمون إلى الأحساء كانوا ضمن الموظفين الذين استقدمهم متصرفو الأحساء في أثناء الحكم العثماني الثاني ، و كان وجود الموظفين النصارى و اليهود قليلا ، و القلة ثابتة تاريخيا فإن صموئيل زويمر ذكر بعض الأفراد و الجاليات غير الإسلامية بالأحساء عندما زارها فقال : ( جميع أهل المدينة مسلمون باستثناء مسيحي كاثوليكي روماني واحد ، هو الطبيب التركي ، و نصف دزينة من اليهود ). و أقام السيد محمد رؤوف طه الشيخلي أحد العراقيين بالأحساء مدة ، فكتب مذكراته عنها و قد تناول الأحياء و المذاهب و العادات و اللباس و اللغة و العملات و غير ذلك و يهمنا أنه عند الحديث عن المقبرة التي يدفن فيها موتى غير المسلمين كالنصارى و اليهود وصفهم بالقلة. -أشارت إحدى الوثائق إلى سكن أسرة يهودية محلة الكوت ، كما سكن بعض اليهود في محلة الرفعة حسب ما يفهم من الكاتب و في هذا إشارة إلى تنوع المكان. ثانيا-المقبرة : و أما المقبرة فذكر الكاتب في صفحة رقم (69) أن اسمها مقبرة السنود ، و أنها بأرض مرتفعة و تقع خارج السور من جهة الشمال ، و سبب تخصيصها لهم أن الأحسائيين من السنة و الشيعة رفضوا تقبل دفن موتى اليهود في مقابرهم. أقول : -لا توجد مقبرة خاصة لليهود سميت بمقبرة اليهود ، و إنما هي مكان خصص لدفن موتى غير المسلمين ممن عملوا في الأحساء أو مروا عليها ، و الشاهد على هذا ما سطَّره شاهد عيان و هو السيد محمد رؤوف بن طه الشيخلي في مذكراته عند الحديث عن مقابر أهل الأحساء فقال : ( أما الجهة العسكرية و الملكية و الغرباء فلهم مقبرة خاصة داخل سور البلد أمام المحل المسمى إدارة ، و هي مسورة ، و للنصارى و اليهود القليلين من الأطباء و الصيادلة و الجراحين في العسكرية ، فلهم مقبرة خاصة متطرفة خارج السور فيها قبور الذين ماتوا في أوقات مختلفة أثناء وظائفهم هناك ، عرفتُها عندما دفن فيها صيدلي (فوجنا) و هو رومي الأصل يوناني ). ثانيا-مقبرة السنود عرفت في القرن الثاني عشر الهجري إذ وقفها سعدون بن سعد آل فهيان المشهور بالسنود ، و كان ذا مقام رفيع فقد وُصف بالأكرم المحترم ، و أمضى وثيقة الوقف الشيخ حسين بن محمد بن حسين العدساني الشافعي سنة 1191ه ، و كانت في خارج السور و قريب منها عين حجي و عين آل فاضل و مقبرة ربدا ، و خُصصت لدفن موتى المسلمين من السنة و الجماعة ، و جُعل الناظر على أوقافها قاضي البلد. و في الختام دعوة إلى أن تاريخنا أمانة في أعناقنا ، و ينبغي أن يكون تدوينه بعيدا عن المبالغة الإعلامية ، و أحاديث المجالس فالوثائق و الكتب المخطوطة و التقارير التاريخية و السجلات القديمة و المذكرات و الروايات الشفهية المعروضة على مقاييس الضبط مصدر ثري لكتابة التاريخ بشكل دقيق.

مشاركة :