في أول يوم من شهر رمضان قال أحد الموظفين لزميله الجديد في العمل، أنا لدي أخلاق سيئة حيث إنني حين أصوم أكون تحت الضغط فأفقد السيطرة على أعصابي سريعاً وأتلفظ بكلمات سيئة وجارحة وألفاظ نابية، فأتمنى أن تقدر وضعي وإذا حصل موقف كهذا أرجو أن تسامحني! حدَّث زميله نفسه بأننا في أول يوم من رمضان ومنذ اليوم الأول وهو يقول هذا الكلام، وهذا يعني أنني يجب أن أتحمل ظروفاً سيئة طوال شهر كامل، هنا أجاب زميله ببرود، وأنا أيضاً أفقد أعصابي في شهر رمضان وإذا أغضبني أمر أرمي أي شيء كان أمامي، فربما إذا غضبت منك رميت عليك هذه الدباسة فأرجو أن تسامحني إن حصل ذلك!، هنا شعر الموظف الأول بأن سلوكياته السيئة ستترتب عليها ردود أفعال لا مفر منها فقال: إذاً يجب أن ينتبه كل منّا على تصرفاته حتى لا يُغضب الآخر. أصعب شيء على الإنسان هو تحمل مسؤولية تصرفاته، وعواقب أفعاله واختياراته، وهذا يجعله دائماً يبحث عن شماعات يلقي عليها اللوم ويحمل غيره المسؤولية، أحياناً يكون القضاء والقدر، وفي العلاقات الاجتماعية غالباً يكون الطرف الآخر هو المسؤول وإذا لم يلقَ شماعة خارجية، يحِّمل الحالات الداخلية مسؤولية أعماله، ويتوهم أنه يفقد السيطرة على نفسه بسبب هذه الحالات. إحدى هذه الحالات الداخلية هي الضغط النفسي. كثيراً ما نسمع (أو نقول) أنا كنت تحت الضغط ففعلت كذا لأنني كنت مريضاً أو لأن ابني مريض أو لأي سبب آخر فتصرفت، وقلت بهذه الطريقة لأنني من شدة الضغط كنت فاقد السيطرة وبذلك يشعر أنه تخلص من المسؤولية وإذا لم يسامحه الطرف الآخر أو يقدر ظروفه فهو إنسان لا يشعر ولا يفهم ولا يعلم أبجديات الإنسانية! لكن يجب أن نعلم بأنّ كل فعل وقول، يترتب عليه أثر، سواء كان عمداً أو سهواً أو تحت الضغط أو من دون ضغط أو بسبب شخص آخر أو لأي عذر آخر. فإذا لم تنتبه إلى الكوب الذي أمامك وسقط الكوب بسبب حركة يدك العشوائية فإنّ الكوب سوف يقع وينكسر، ومهما وقفت على رأس الشظايا المتناثرة وقلت لهم أنا لم أكن أقصد فالشظايا لن تتحول إلى كوب! كما أن أفعالنا تترتب عليها عواقب حقوقية وقانونية وإلهية، فلو قتلت شخصاً سهواً أثناء قيادة السيارة، أقل ما يجب أن تفعله هو دفع الدية. ولو كنت تحت الضغط وقلت كلاماً جارحاً لزميلك أو زوجتك أو أي شخص آخر وجرحته فيجب أن تتحمل العقوبة الإلهية لتعديك على حقوق الآخرين. إذاً تحت الضغط ليس عذراً للفرار من المسؤولية بل محك ومعيار لمدى نضج الشخصية وتكاملها ونموها الإنساني. osawi.75@gmail.com psychologistq8@
مشاركة :