كيف نقرأ التنازلات الحكومية في ملفات مهمة عالقة؟ مثل تجميد الخطة أو الوثيقة الاقتصادية، وتشكيل لجنة لدراسة ملفات الجنسية، وقضايا سحب أو فقد أو إسقاط الجنسية عن عدد من المواطنين، والمطالبة بوضع قوانين حول إحالة الفصل في هذه القضية الشائكة بيد القضاء.هل اكتشفت الحكومة فجأة أنها أخطأت واستعجلت إصدار قرارات سياسية واجتماعية؟ مثل ملف الحريات الشخصية والعامة، ومثل الوثيقة الاقتصادية ورفع أسعار البنزين، والإجراءات التي تُحمل المواطنين أعباء العجز في الميزانية، وبالأخص الطبقة العاملة والفئات الشعبية متدنية الدخل، الذين تنتظرهم قرارات أعلنت عنها الحكومة، مثل زيادة تعرفة الكهرباء وفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع، وتنفيذ كل توصيات وإملاءات صندوق النقد الدولي سيئ الصيت، وفتح ملف العمالة الوافدة ومعالجة التركيبة السكانية.وتغاضت الحكومة عن هدر الإدارات الحكومية للمال العام، والفساد المستشري في أركان البلد، وغضها الطرف عن محاسبة الفاسدين وسراق المال العام وتجار الإقامات وسوق النخاسة اللاإنساني والمخزي، وسياسة التنفيع والانحياز، والاستمرار بالسياسة الاقتصادية الريعية، دون التفكير بالمستقبل الاقتصادي للبلد، وتوزيع الثروة بشكل عادل.أم أن الحكومة لمست تذمراً وتململاً شعبياً خارج إطار مجلس الأمة، للحال الذي وصل إليه البلد بسبب التضييق على الحريات، وسجن المعارضين وسحب جنسياتهم وعقابهم سياسياً على آرائهم وموقفهم، والانتقاص من الحقوق الاجتماعية، ومس معيشة المواطنين دون شعور بالمسؤولية، وبمعاناة الشعب، ومن ناحية أخرى يستمر تدهور البنية التحتية، والخدمات الصحية والتعليمية، والاتجاه إلى سياسة أكثر قساوة وتعسفاً وهي سياسة الخصخصة التي أفقرت دولاً وشعوباً، وأغنت القلة المتنفذة والمستحوذة على مقدرات البلد.لست بصدد التفاؤل بهذه التراجعات، فالأسس غائبة وهي الإصلاح السياسي والاقتصادي، من خلال قرارات جريئة لنزع فتيل الأزمة التي تزداد تفاقماً، وإطلاق الحريات واحترام بنود الدستور، وسن قوانين لإشهار الأحزاب السياسية، والتركيز على التنمية الإنسانية المستدامة، وتطوير مناهج التعليم بما يناسب العصر، والاهتمام بالثقافة ورعاية الفنون، وتطوير قوى العمل وتنويع مصادر الدخل والاستفادة من المنتجات النفطية في الصناعات.وقد يعتقد البعض أن الضغوط الشعبية، هي من خلال مجلس الأمة كشكل من أشكال النضال الجماهيري، فالجميع يعلم أن معظم قرارات أعضاء المجلس وأدائهم، دوافعه شعبوية وأن زعيق بعضهم هو للتكسب الانتخابي، ولولا النضال الجماهيري من خلال الضغوط الشعبية، لم يكن مجلس الأمة ليتخذ مثل هذه القرارات، خصوصا وأن المجلس يتضمن عناصر انتهازية تحظى برعاية ومباركة الحكومة.osbohatw@gmail.com
مشاركة :