الضغط الشعبي والإصلاح - مقالات

  • 1/24/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا يختلف اثنان على صعوبة الإصلاح السياسي الكامل في الوقت الحالي ولا حول انتشار الفساد في كل مؤسسات الدولة. كما لا نختلف على صعوبة الإنجاز عبر المؤسسة البرلمانية حالياً والأسباب عديدة وأهمها عدم امكانية تشكيل غالبية تتفق على أجندة واحدة. كنت قد أوضحت في مقال سابق بعنوان «التحول الديموقراطي... ضرورة أم ترف»؟ بأن المشكلة الأساسية هي عدم استكمال النظام الديموقراطي واستمرار الحكومة بسياسة المحاصصة في تشكيلاتها المتتالية وانعدام الرؤية في مجلس ينتخب اعضاؤه فرادى. والغريب أن الحكومة نفسها اعترفت بذلك في دراستها المنشورة في «الراي» بتاريخ 10 يناير 2017 التي تدعو بها لاصلاح النظام الانتخابي وإشهار الأحزاب ومشاركة العسكريين... الخ. ورغم قناعتي التامة بأن الحكومة غير جادة بإصلاح النظام السياسي وبأن المجلس عاجز تماماً عن مواجهة الحكومة المتضامنة دائماً كما ينص الدستور حتى في أبسط القضايا، وقد كشفت جلسة رفع الإيقاف عن الرياضة ذلك. ولكن هل يعني هذا انعدام الأمل تماماً بإقرار أي قانون اصلاحي؟ بالتأكيد هناك إمكانية لإقرار بعض القوانين الاصلاحية عبر البرلمان، بشرط أن يكون هناك ضغط شعبي ورأي عام مؤيد وداعم للقانون المراد إقراره في قاعة عبدالله السالم، فالأمثلة عديدة على أهمية الضغط الشعبي في إقرار القوانين الاصلاحية أو رفض القوانين السيئة؛ ففي العام 1981 قدمت الحكومة مشروعاً لتنقيح الدستور، ورغم وجود غالبية برلمانية كافية لتمرير تلك التعديلات الرجعية على الدستور إلا أن الحركة الشعبية في الدواوين ومؤسسات المجتمع المدني شكلت ضغطاً أدى في نهاية الأمر لاسترداد الحكومة لمشروعها. ومن منا ينسى حركة «نبيها خمس» المطالبة بتعديل الدوائر الانتخابية عام 2006 بعد أن رفضت الحكومة ذلك التعديل؟ كما نجح الضغط الشعبي في العام 2010 بتعديل المادة الرابعة من قانون الخصخصة حيث تم حظر خصخصة انتاج النفط والغاز الطبيعي والتعليم والصحة، على الرغم من إقرار ذلك القانون بالمداولة الأولى. وأخيراً قانون الإعلام الموحد في 2013 الذي تم رفضه بسبب وجود رأي عام رافض لتقييد الحريات على الرغم من سيطرة الحكومة التامة على المجلس. كل تلك الأمثلة وغيرها الكثير تثبت أهمية الرأي العام والضغط الشعبي في تحقيق بعض الاصلاحات، لذلك علينا أن لا نهمل هذا الدور المهم وأن نستوعب بأن المجلس لوحده لا يمكن أن يحقق شيئاً في حال رفض الحكومة لاقتراحاته فهي الكتلة الأكبر والأكثر تضامناً. في الختام، على القوى السياسية أن تعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها اليوم؛ فتحديد القضايا المهمة والأولويات ليست مسؤولية الشعب؛ إنما هي مهمة الطليعة السياسية التي يجب أن تكسب الرأي العام وتشكل ضغطاً شعبياً عبر الدواوين والندوات والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، ففي النهاية رغم قوة الحكومة إلا أن خوف النواب من خسارة الرأي العام فخسارة مقاعدهم... أكبر! dr.hamad.alansari@gmail.com twitter: @h_alansari

مشاركة :