مخاوف من تسرب السلاح التركي إلى أفريقيا عبر «البوابة الليبية»

  • 1/12/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أعادت تصريحات الرئيس النيجيري، محمد بخاري، حول تأثير «السلاح السائب» في ليبيا على تدهور أمن دول أفريقية، المخاوف مجدداً بين عدد من الاختصاصيين من إمكانية وقوع هذه «الترسانة المتنوعة» في قبضة «الجماعات الإرهابية» داخل القارة السمراء.وإذا كان الرئيس النيجيري قد تحدث عن وصول هذه الأسلحة بالفعل إلى يد «الإرهابيين والمجرمين» منذ إسقاط النظام السابق عام 2011. فإن بعض الليبيين لم يستبعدوا «انتقال جزء من السلاح التركي إلى هذه الجماعات، التي تنشط في بعض دول الجوار»، حيث رأى طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، أن «ما أرسلته، ولا تزال ترسله تركيا إلى قوات حكومة (الوفاق)، من سلاح وذخيرة، هو بدرجة من الضخامة، بحيث يصعب معها التصديق بأنه قد تم استخدامه خلال الفترة الماضية».ولم يستبعد الميهوب في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن يكون جزء من هذا السلاح قد انتقل بالفعل لجماعات إرهابية، تنشط في دول الجوار الأفريقي المعروفة بكونها مواقع نفوذ تقليدي لفرنسا.وفي تقرير سابق، قدرت الأمم المتحدة كمية السلاح في ليبيا بـ29 مليون قطعة سلاح غير خاضعة للرقابة، تمتلك الميليشيات المسلحة جزءًا منها، بينما الباقي يوجد في حوزة مواطنين عاديين.في السياق ذاته، قال رئيس مؤسسة «سلفيوم» للدراسات والأبحاث، جمال شلوف، إن أنقرة «حولت ليبيا إلى دولة عبور لشحنات سلاحها الموجهة سراً إلى أطراف عدة بالقارة الأفريقية، مستغلة الاتفاقية الأمنية التي عقدتها مع حكومة (الوفاق) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019».وطبقا لدراسة نشرتها مؤخراً «سلفيوم» حول رصد رحلات الشحن العسكري التركي لقواعد وموانئ بالغرب الليبي، قال شلوف إن «العدد الإجمالي لهذه الرحلات بلغ منذ مارس (آذار) وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، 172 رحلة، منها 40 رحلة تمت بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي القتال الليبي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي... وأغلب الطائرات التي استخدمت هي إيرباص، بحمولة تقدر 37 طناً». مشدداً على أنه «لا يمكن لأحد أن يتصور أن كل هذه الكمية من السلاح تم استخدامها في الصراع المسلح بين الجيش الوطني وقوات (الوفاق)، علماً بأنه توقف فعلياً في يونيو (حزيران) الماضي... لذلك أرجح انتقاله إلى تنظيمات سبق لتركيا التعاون معها في سوريا، مثل (داعش) وتنظيم (القاعدة) في بلاد المغرب الإسلامي، اللذين يستهدفان قوات (عملية برخان) من الجنود الفرنسيين».من جانبه، وصف الباحث السياسي المغربي، عبد الفتاح نعوم، التحركات التركية خلال الفترة الأخيرة بمنطقة الساحل والصحراء بـ«المريبة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد انحسار دور (داعش) في الشام والعراق، حولت تركيا بوصلتها إلى ليبيا لتستفيد من الفوضى الموجودة هناك، وبالطبع ركزت على عقد تحالفات مع الميلشيات المسلحة بالغرب الليبي، والمرتبطة تحديدا بتنظيم الإخوان لتنفيذ أهدافها بالقارة السمراء».مبرزاً أن أنقرة «تمكنت من جعل ليبيا معبراً لانتقال عناصر الجماعات المتطرفة من الشرق الأوسط إلى القارة الأفريقية، عبر التنسيق مع قيادات الميلشيات، لمعرفتهم بجغرافيا المنطقة، مما مكّن استخباراتها من التواصل مع أفرع تلك التنظيمات في منطقة الساحل والصحراء... وتحريض السكان المحليين هناك على الوجود الفرنسي».بدوره، لم يستبعد الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أحمد البحيري، «تسرب جزء كبير من السلاح التركي، الذي نقل لغرب ليبيا إلى يد الجماعات المتطرفة». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات في غرب البلاد المتحالفة مع تركيا تنسق مع عصابات التهريب بدافع المال»، لافتاً إلى أن «السلطات الرسمية في بعض الدول الأفريقية تفتقر إلى القدرة المطلوبة لتوفير حماية حدودها»، علماً بأن دولاً مثل النيجر وتشاد ومالي، وبوركينا فاسو تنشط بها الصراعات القبلية والعرقية والإثنية، كما تنشط بها التنظيمات المتطرفة، «أي أنها في حاجة دائمة للسلاح، لذا فإنها قد تلجأ للسلاح التركي الموجود في الغرب الليبي، كونه الأقرب إليها».وانتهى الباحث المصري قائلاً: «في ظل تصاعد التوتر بين فرنسا وتركيا، وفي إطار سعي الأخيرة لتأمين مصالحها الاقتصادية، وتعميق نفوذها بالقارة السمراء، من خلال عقد اتفاقيات التعاون الاقتصادي والعسكري مع أغلب دولها، فإنه من غير المستبعد أن تكون هناك توافقات ضمنية لإيصال السلاح للجماعات التي تعادي الوجود الفرنسي».

مشاركة :