أكد الشيخ صلاح الجودر أن المسؤولية اليوم تحتم على الجميع الالتزام بآداب الخطاب الديني القائم على الوسطية والتسامح والولاء واحترام سيادة القانون، والابتعاد عن إثارة الخلاف بين الناس، وعدم تفريقهم وشق وحدتهم، مشيرا إلى خروج بعض المنابر عن رسالتها بالتحريض على الإرهاب، فظهر على الساحة من أناس من بني جلدتنا يطعنون في ثوابت الدين. وقال الجودر في خطبة الجمعة بجامع الخير بقلالي أمس إن الله تعالى قد ختم الرسالات والشرائع السماوية برسالة الإسلام، وأودع فيها عناصر القوة والثبات لأنها خاتم الرسالات، فهو دين يناسب كل زمان ومكان، وتكفينا آية واحدة من كتاب الله تعالى لنرى توافقها مع معطيات العصر والزمان، وقبول العقل والنفس لها، ومن الثوابت في هذا الدين مسائل الإيمان والعقيدة، فأسماء الله وصفاته والملائكة والجنة والنار واليوم الآخر وغيرها من مسائل الغيب لا تقبل التغيير والتبديل، وكذلك في العبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، ومن الثوابت أن الله لا يقبل من الناس غير الإسلام ديناً، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85]، ومن الثوابت إقامة العدل بين الناس، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90]، ومن الثوابت الإخلاقية لهذه الأمة الصدق والأمانة والعفة والصبر والوفاء بالعهد والحياء والكرم، وتحريم السحر وقتل النفس والزنا وأكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات والسرقة والغيبة والنميمة والكذب وغيرها. ولفت خطيب جامع الخير إلى الحديث عن الثوابت الذي يأتي في عصر يموج بالإحداث والمؤامرات والتدخلات، بعد أن أصبح العالم كالقرية الصغيرة، ولا يكاد يمر يوم إلا وشعار التغير ومواكبة العصر وحقوق الإنسان والأقليات تطرق مسامع الناس للتدخل في شئونهم ومصائرهم، وقال: لقد ظهر على الساحة اليوم من يشكك الناس في دينهم وعقيدتهم وثوابتهم، ويتدخل في شئونهم وحياتهم، والمؤسف أن تلك السموم والأدواء تنثر عبر القنوات الفضائية ومراكز التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الدينية، من أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، صاروا يطعنون في ثوابت الدين، ويثيرون الفتن ويدعون للفوضى ويسعون لشق الصف والخروج على ولاة الأمر وعدم احترام القانون والنظام. ونوه الجودر إلى بعض المنابر الدينية والخطب المنبرية وما لها من قوة التأثير وكيف أنها ابتعدت عن أهداف المنبر من التفقه بالدين والحث عن صلة الرحم والقربى والتذكير بحقوق الجار والضيف والمستأمن، إلى نشر الفتن والتحريض على الانتقام والعنف وتصفية الحسابات والدعوة للطائفية والحزبية، وقال إن المستذكر لخطب النبي يرى بأنها تشمل التوحيد والعبادة والإيمان، والحث على طاعة الله ورسوله وأولي الأمر وبر الوالدين، فتمتلئ قلوبهم إيماناً وحكمة بعد ذكر الله والصلاة على نبيه، وينصرفون وقد تحركت جوارحهم لذكره وشكره وحسن عبادته. وشدد الشيخ صلاح على أن المنبر الديني مسئولية وأمانة يجب أداؤها على الوجه الأكمل، لقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء: 58]، إن من المؤسف أن نرى بعض المنابر الدينية وقد خرجت عن رسالتها المفترض أن تقوم بها من دعوة إلى الحب والتسامح والتعايش واحترام الآخر إلى التحريض والتأجيج والدعوة إلى الإرهاب والخروج على النظام والقانون، فقد شهدت بعض المنابر خلال الأعوام الماضية سيلاً من الخطب المنبرية التي تثير الكراهية والأحقاد وتدعو للاصطفاف الطائفي. لقد جاء عن نبيكم محمد(ص) أنه قال:(ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة) [أبو داود وغيره]، ومعنى الحالقة: أي تحلق الدين.
مشاركة :