أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، أن ما حدث في الآونة الأخيرة من تفش للجهل أدى لظهور الفكر المنحرف والجماعات الإرهابية التي فتكت بالأمة ومزقتها، بسبب قلة العلم والفهم الخاطئ للنصوص من أناس جهال أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. وبين في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي الشريف أمس أن العلم نور يضيء الطريق ويهدي السالكين، وهو ركيزة التقدم والتطور والتنمية وسبيل النهوض بالعالم الإسلامي لبناء حضارة مشرقة واقتصاد متين وإنسان متزن. وقال «إن هذه الجهود التي تبذل والأموال التي تنفق والمباني التي تشيد، والعمل الدؤوب كلها تتعاقد لتحقيق الأثر المنشود والهدف الأسمى من التعليم، وإذ أردنا معرفة فعالية المناهج وطرائق التعليم فعلينا قياس أثر التعليم في النفس والحياة والتنمية، وتقدم الأمم لا يقاس بكم المعلومات التي تحشى بها الرؤوس ولا بقدر المحفوظات التي تلوكها الأفواه، وإنما تقاس بأثر هذا العلم في السيرة والسريرة والحياة والتنمية». وأضاف إن الذي أضعف تأثير العلم وأفقده شيئا من قيمته أن جعله بعض المنتسبين له ثوبا يتجملون به وحلية يتفاخرون بشهاداتها، وسلما لبلوغ الجاه وتحصيل المال وإشباعا لشهوة خفية من حب الظهور والتفوق على الأقران أو طلبا لمحمدة، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار). ولفت الثبيتي إلى أن الإيمان هو الضابط للعلم والموجه لمساره حتى يحقق أثره النافع، وإذا لم يقترن العلم بالإيمان غدا خيره شرا ونفعه ضرا، وأثره وبالا على الفرد والأمة، موضحا أن العلم يؤتي أكله ويزهو أثره حين يربط بأصالة الكتاب والسنة، في الثقافة والفكر والأدب، ولا يمكن للأمة أن تثبت وجودها وتكون لها الريادة وموقع الصدارة إذا فقدت وأهملت أصالتها أو تناست لغتها وتاريخها، فللقرآن أثر لا ينتهي مدده ولا ينضب فيضه. وأردف أن للعلم أثرا على الأخلاق التي هي مقياس رفعة الأمة، فالعلم وحده بلا تربية لا يصنع جيلا ناحجا، فإذا هذب العلم الخلق وقوم السلوك ونقى السريرة وطهر السيرة فهذا هو العلم الناجح، متسائلا عن قيمة العلم إذا كان الحسد متربعا في النفوس، والضغينة تملأ القلوب، وتساءل: ما قيمة العلم إذا كان صاحبه يبارز ربه بمحادة شرعه، ويخون دينه وأمته ووطنه، ويكذب في أعماله ومعاملاته، ويهتك جلال العلم بسوء سلوكه؟
مشاركة :