الفكر المنحرف.. “لا يفل الحديد إلا الحديد” | محمد عثمان الثبيتي

  • 1/18/2015
  • 00:00
  • 53
  • 0
  • 0
news-picture

تتكشف تباعاً عورات الفكر المُتشدد والمُتغلغل في شرايين الفئة التي سلَّمت نفسها لمنهجية العنف، وارتهنت لأحادية في التفكير، وطريقة واحدة في التعاطي مع الأحداث؛ ممتطية صهوة الدين في سياق مغلوط لا يمت له بصلة، ولا يرتبط به عضوياً، بقدر ما يتمحور الخطأ في الفهم القاصر لتعاليمه، والوعي غير الناضج لمدلولاته، الأمر الذي أنتج نمطاً من الشباب الذين يتبنون مواقف أشخاص عُدُّوا مراجع يأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، دون أن يُعملوا فكرهم فيما يقومون به، ويضعونه على محك العقل لمعرفة مدى ملاءمته لهم ولمجتمعهم، بل تمركز همّهم في تحقيق أهدافهم المرسومة لهم، بعيداً كل البعد عن المصالح الدينية والدنيوية التي تتطلبها وطنيّتهم وقيمها العُليا. من هذا المُنطلق لن تتوقف الدماء المُهدَرَة على أرض الوطن بسبب الخلاف في التفاعل بين قُطبين، نصَّب الأول نفسه ولياً على المجتمع، وعقد العزم على أن يكون رأيه هو المُحَدِّدْ لتوجهاته؛ وآمن الآخر بالاعتدال في التعاطي مع كل ما يدور حوله من حراك على أرض الوطن، مُغلّباً صوت العقل على دافع الحماسة والعاطفة، ومبتعداً كل البعد عن التهييج الذي لا يخدم التلاحم ويقوِّض بُنية المجتمع ويعمل لتحقيق الأجندة الخارجية التي ما فتئت تستهدف تفتيت اللُحمة الوطنية وضربها في مقتل، من خلال تغذية العناصر المُجندة لحسابه فكرياً والخارجة وطنياً والمسيئة دينياً، مما يعني أننا أمام فكر لن يُوقفه إعادة تأهيل، ولن يستكين لاحتواء، فقد أثبتت التجارب أن غسيل المُخ لأولئك الفئة لا يصلح معه أساليب حضارية في التعامل، بل يجب أن يُجتثوا من الحياة؛ لأنهم ما إن يجدوا فرصة للعودة لممارسة جنونهم إلا ويكونوا أكثر شراسة، والأدهى والأمَّر عندما يُوجِّهون سهام خبثهم، ودناءة أنفسهم باتجاه وطن منحهم العزة، ووفَّر لهم سُبل الكرامة، ولكنهم أبوا واستكبروا إلا أن يعيشوا كخفافيش الظلام، ويموتوا كما تموت الأنعام. لقد أثبتت حادثة الحدود الشمالية التي راح ضحيتها وأصيب فيها عدد من رجال أمننا صحة ما ذهبتُ إليه -أعلاه- من أن التعامل مع هذه الفئة يجب أن يكون بالمثل؛ فالقوّة يجب أن يُرَّد عليها بالقوة، ليس على مستوى الحدث -فقط- بل على امتداد التعامل مع مَن باعوا وطنهم قبل أنفسهم، حتى يكونوا عِظة وعِبرة لمن يتربّص بالوطن وأبنائه البررة، أما الرد بالحُسنى والسعي نحو إعادة التأهيل فمنهجية أثبتت عدم جدواها مع هؤلاء الضلاليين، وما الأعداد العائدة لميدان -الكرامة المزعوم- إلا شاهد إثبات على عدم فائدة طرح نظرية ضرورة التقاط نقاط التقاطع الإيجابية لبناء صيغة توافقية، وتأسيس أرضية صلبة للتفاهم، بل الحل الأنجع -من وجهة نظري- يكمن في الضرب بحديد على كل من يحمل هذا الوباء، والبحث عن منابته وتجفيفها، وملاحقة أربابه من المتمشيخين الذين يشحذون الهمم السلبية وهم يتمرغون في ملذات الدنيا، ويتنعّمون مع أسرهم في بحبوحة العيش، ولعمري أن هؤلاء هم رؤوس الفتنة التي يجب أن يُبتدأ بهم استناداً لقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها". إن بلادنا السباقة في محاربة الإرهاب قد اتخذت كافة السبل إزاءه ،ومنها أسلوب المناصحة الذي انتهجته مع الفئة الضالة وتخصيص رواتب لهم وتوفير وظائف وتسهيل التحاقهم بالجامعات وبرامج الدراسات العليا من أجل إعادتهم الى جادة الصواب إلا أنهم لم يدركوا المعاني الكبيرة التي كانت تقف وراء ذلك النهج فعاد كثير منهم سيرته الأولى ، ولن يجدي معهم سوى لغة القوة التي يفهمونها فلا يفل الحديد الا الحديد . Zaer21@gmail.com

مشاركة :