استخرج المصري القديم الذهب ، من أماكن وجوده علي الأخص بالصحراء الشرقية المصرية منذ أقدم العصور، حيث استكشف الفراعنة الصحراء الشرقية منذ آلاف السنين، وقاموا بالبحث والتنقيب عن الذهب وحققوا نجاحًا باهرًا واكتشفوا عشرات المواقع التي تحتوي علي خامات الذهب، حيث استطاعوا تحديد عروق الكوارتز الحاملة لهذا المعدن واستخلصوه منها، حيث كانوا يزينون به معابدهم وتماثيلهم وربما يأخذون منه حليًا لزوجاتهم ومحبوباتهم.والدليل علي ذلك تلك الخريطة التي عثر عليها أخيرا بمتحف ترينو بإيطاليا، والتي هي مصنوعة من ورق البردي ومحدد عليها 125 موقعًا للذهب غالبيتها في الصحراء الشرقية وجنوب مصر ومنطقة العلاقي التابعة لنطاق الصحراء الشرقية أيضا بمحافظة أسوان، ومن بين أهم المواقع التي حددتها هذه الخريطة بنطاق الصحراء الشرقية والتي استغلها الفراعنة منجم جبل السكري الذي يحتوي في باطنه علي نحو 20 مليون أوقية من الذهب، منها 13 مليون أوقية مؤكدة و7 ملايين تحت التأكيد ومنطقة تسمي سكيب ومنطقة الفواخير علي بعد70 كم من طريق القصير-قفط.اقرأ أيضًا..سعر الذهب اليوم الأحد17-1-2021واستمر استخراج الذهب في مصر طوال عهودها، وفي نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، بدأت الحكومة المصرية تمنح تراخيص للبحث عن الذهب واستخراجه من مناطق الصحراء الشرقية، واستمرت بعض هذه الشركات تعمل وتنتج حتي عام 1954 عندما أغلق آخر منجم منتج للذهب في مصر، وهو منجم الفواخير بوادي الحمامات، حيث قدر ما تم استخراجه طوال هذه الفترة بما لا يزيد علي 7 أطنان، وكانت تتم عمليات استخراج الذهب في أعماق بسيطة نظرا لعدم وجود الإمكانات التكنولوجية التي تتيح الانتاج من المناطق العميقة.ولكن تفجرت استراتيجية جديدة في مصر لدعم هذا الاستغلال، حيث صدرت اتفاقيتان للبحث واستغلال الذهب بين الهيئة والشركة الفرعونية في منطقة السكري عام 1994، وأخرى بين الهيئة وشركة كرست لمنطقة حمش في عام 1999 وظلت الاتفاقيات متوقفة حتي عام 2004 بعد حل كل المشكلات التي تعوق الإنتاج.وتشير المناظر الموجودة على جدران المقابر المصرية القديمة، إلى أن المصريين القدماء أدخلوا النار فى صناعة الذهب، وتصور هذه المناظر العمال وهم يصهرون المعدن فى أوعية كبيرة من الخزف يقف حولها العديد من العمال وهم ينفخون النار بأنابيب طويلة من الغاب، وأطرافها من الخزف الذى لا يحترق، ثم يصبون الذهب بعد صهره فى قوالب لعمل الحلى، وكانت التقنيات الأولية المستخدمة فى صناعة الذهب فى المراحل الأولى عند المصريين القدماء لم تكن تعتمد على النار، بل كانت تعتمد على تحويل الأشكال وتغييرها بواسطة المطرقة والسندان وأدوات الضغط، وكانت أنامل الأقزام وراء دقة صياغة المشغولات، وصنع الفراعنة من الذهب أشياء كثيرة، كما أن هناك قبة ذهبية ضمن آثار مقبرة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو وزوجة الملك سنفرو، وقناع الملك توت عنخ آمون الذى يزن نحو 11 كيلوجرامًا وتابوته الذى يزن حوالى 110.5 كيلوجرامات من الذهب الخالص، وارتدى الفراعنة الكثير من الذهب فى مجوهراته الثمينة.وتم استخدام الذهب فى منحوتات الفراعنة الجميلة، وتم تخصيصه لكبار رجال الدولة، ودفن الفراعنة الذهب معهم، ولم يعبد الفراعنة الذهب وقدسوا اللون الذهبى الذى كان يرمز إلى لون أشعة الشمس، وارتبطت صناعة الذهب عند المصريين القدماء بعقيدة الخلود، لأن لونه لا يتغير بمرور الزمن، وكانت صناعة الذهب من أهم الحرف المصرية وارتبط الذهب بالطقوس الجنائزية والمعتقدات.ويحتل الذهب فى الحضارة الفرعونية أهمية كبيرة فى الحياة الاجتماعية وطقوس الموت والحياة.واشتهرت مصر القديمة بمناجمها التى استخرج منها الذهب بوفرة والمصنوعات الذهبية والحلى الفرعونى، وهناك قطع مهمة من حلى الفراعنة جاءت من تانيس (صان الحجر) مثل القناع الذهبى للملك بسوسنس الأول من الأسرة الحادية والعشرين، ومجموعات عديدة من الأوانى الذهبية، وكذلك التاج الذهبى للأميرة سات حتحور يونت، فضلًا عن أساور الملكة حتب حرس من الأسرة الرابعة، وأساور من عهد الملك جر من الأسرة الأولى.وتشهد مصر تحولات كبيرة في صناعة الذهب خلال الآونة الأخيرة، بفضل التوسع في الاستكشافات عن مناجم جديدة للذهب وطرح مزايدات عالمية أمام كبرى الشركات الأجنبية والمحلية للمنافسة على التنقيب في مناطق واعدة.تحركت مصر في عدة مسارات لإنعاش مجال الاستثمار في الذهب، وجاء على رأسها إجراء تعديلات تشريعية بقانون الثروة التعدينية تشجع المستثمرين على ضخ استثمارات ضخمة في مجال الاستكشاف وإزالة المعوقات التي تهدد العائد على هذه الاستثمارات التي تتسم بالأساس بالمخاطرة المرتفعة.على الرغم من جائحة فيروس كورونا، سجلت صادرات الذهب والحلي والأحجار الكريمة طفرة خلال أول 7 أشهر من عام 2020، حيث تجاوزت حاجز ملياري دولار، مقابل 1.05 مليار دولار في الفترة المماثلة من 2019 بزيادة قدرها 91%، وفقا لبيانات وفقًا المجلس التصديري لمواد البناء في مصر.واخترقت المنتجات المصرية 8 أسواق جديدة وهي كينيا وكرواتيا وروسيا الاتحادية والتشيك واليابان والنمسا وأستراليا ومدغشقر، لتصل عدد الدول التي تستورد الحلي والأحجار الكريمة من مصر إلى 27 دولة حول العالم.وفى ظل اهتمام القيادة السياسية بصناعة الذهب بمصر اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، واللواء محمد أمين مستشار رئيس الجمهورية للشئون المالية.وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ، ان الاجتماع تناول استعراض "مخطط إنشاء مدينة متكاملة لصناعة وتجارة الذهب في مصر".وقد وجه الرئيس بتوفير الموارد المالية لإنشاء المدينة وفق أحدث التقنيات في هذا المجال لتعكس تاريخ مصر الحضارى العريق في هذه الصناعة الحرفية الدقيقة، وعلى نحو متكامل من حيث توفير مستلزمات الصناعة والإنتاج، والمعارض الراقية، وتدريب العمالة لصقل قدراتهم، ومراعاة النواحي اللوجيستية من حيث اختيار موقع المدينة للاستفادة من شبكة الطرق والمحاور الجديدة لسهولة النفاذ منها وإليها واستقبال الزائرين.
مشاركة :