كيف كان عيد العمال في مصر القديمة ، تعالوا نتعرف كيف كان حال العمال فى مصر القديمة، وكيف انحزوا حضارة وقفت ضد الزمن ومازالت تحير وتبهر كل الناس كيف شيدت فى هذا الوقت بأدوات بسيطة وعجز العلم عن إيجاد تفسير لها فما هو سر العامل المصري القديم والتى نرجو أن تعود:- قال كبير الاثريين مجدي شاكر ، لنبض العرب ، أن أهم القيم فى حياة الإنسان المصرى القديم التكافل الأجتماعي للجميع والأيمان بحق كل إنسان فى المأكل والمأوى والأمان مادام يؤدى واجبه كفرد فى جماعة مترابطة محكمة التنظيم لا تخضع للسخرة أو لحاكم جائر كما يعتقد البعض وكانت المكافأة الحقيقة هى إحساس الفرد فى إجادة عمله فكانت حياتهم تتسم بالتعاون المشترك وادى كل ذلك التجانس بين العناصر البشرية وندرة الفوارق الجنسية ونزع رداء الفردية والأنانية وكانت أهم فضيلة عند العامل المصرى هو طاعة الرئيس والأمانة فى أداء واجبه وحسن التصرف . وأضاف شاكر ، أن روح العمل الجماعي أدت الى نجاح المصرى القديم فى التغلب على الكثير من الصعوبات التى واجهته وأظهر موهبته وأبداعه فيما أخرجته يداه وحقق الكثير من المظاهر الحضارية فى مختلف المجالات والعصور بفضل روح التعاون الجماعى وحقق كثير من المعجزات . وأوضح شاكر ، أن نتيجة معرفته الزراعة تميزت حياته بالنظام والأستقرار فالنيل يأتى فى وقت محدد ويزرع مرة واحدة وبعدها يعمل فى مشروعات الدولة القومية كالمعابد والأهرامات كان العمل قيمة فى حد ذاته يمجدها الحاكم وتحث عليها تعاليم الحكماء فى حياة المصرى القديم وكان يكتب كلمة عمل برمز رجل جالس يحمل فوق رأسه وعاء وسمى العمل كات وكان يعترف فى المحاكمة فى الاخره (لقد احسنت عملى فى بلدى مصر). وتابع شاكر أن العمل مرتبط بالتقوى والجدية ،لذا أنتج لنا عمائر مختلفة نفذها بأبسط الوسائل المادية والمعدات يصعب تحقيقها فى عصرنا بأمكانياته وتقدمه التكنولوجي وعجز الزمن عن محوها بجانب روح العمل الجماعي والتخطيط السليم وتقديس العمل والأستقرار السياسى وجود سلطة حاكمة واعية عملت على تفجير الطاقات وتبنى العناصر الجيدة ذات المواهب وشجعتهم ماديا ومعنويا وحماية حقوقهم وفرض القوانين . تعرف علي الأمثلة و حكايات والاناشيد عن العمال عند القدماء : حتى قال عنخ شاشانقى (أعط العامل رغيفا تأخذ من رغفين من كتفيه ) ، وقال الملك خيتي الثالث لأبنه ناصحا (أحترم حياة مملوءة بالنشاط ولعل يدك لا تصبح عاطلة ولكن اقبل على عملك منشرحا فالتراخى يقضى على السماء نفسها ). وفى أناشيد اخناتون (يسعى كل حى الى عمله ضاربا فى أرجاء الكون )، ورغم كثرة ما تركوه من عمائر ومعابد لم نعرف كثيرا عن من صممها وساهم فى بنائها غير عدد قليل مثل المهندس أيمحتب مهندس هرم زوسر وحم أيونو مهندس هرم خوفو وسنموت مهندس الدير البحرى وأمنحتب بن حابو مهندس معبد أمنحتب الثالث،المجتمع المصري القديم كان منقسما علي هيئة هرم طبقي ، علي قمـته يوجد الملك وأسـرته،يليه طبقة النبلاء ، ثم الكهنة ،ويليها رجال الجيش وفي أدنى الطبقات يوجد العمال والفلاحين،وطبقة العمال كانت تتكون من”العمال والحرفيين”،و توجد هوة كبيرة فى الثروة بين العمال وأصحاب الطبقات العليا ،واتضح ذلك في حجم منازلهم حيث كان منزل العامل في اللاهون في الدولة الوسطي ما بين 50 و 80 مترا مربعا , ومنازل العمال في دير المدينة كانت تتراوح ما بين 80 و 160 مترا مربعا. وأضاف شاكر، عندما كانت تستاء أحوال العمال كان رؤساؤهم ينضمون إليهم في طلباتهم الاحتجاجية، نظام العمل في مصر القديمة كان صارماً !! كان صعبا إلي حد ما، مما جعل المؤرخ “هيرودوت” يشير خطأ بان المصريين استخدمهم الملوك في السخرة، موضحا أن التأخير عن العمل أو المشي مبكرا “التزويغ” كان جريمة خطيرة، ويعاقب العامل بالحبس ستة أشهر أو العمل بالسخرة أو الغرامة ، وفي بردية بمتحف بروكلين تتحدث عن سجن امرأة عاملة في طيبة لأنها تركت عملها المكلفة به وهربت خارج البلد، ولكن بسبب ظروف مرض أحد أعضاء أسرتها تم إعفاؤها من السجن . وكانت الدولة تلجأ لاستخدام العمال في مشاريعها الملكية وقت الفيضان لان الزراعة في هذا الوقت لا تصلح ،وكان الملك خوفو أحد الذين استخدموا العمالة وقت الفيضان في بناء الهرم الأكبر كما أشار لذلك المؤرخ اليوناني هيرودوت. طوال التاريخ المصري القديم لم يتوان العامل عن رفع صوته للمطالبة بحقوقه، وظهر ذلك ابتداء من عصر الدولة الوسطي ، مما يدل على ذلك بما كتب علي ظهر احدى البرديات عندما كتـب ” نفر- بسجت “عن العمال الذين يخاطبون رب عملهم :” من الجميل ان نصنع الخبز لك و نجعلك سعيد ، فماذا تفعل أنت لنا “. وأشار شاكر أن المصرى القديم ، مارس العمل النقابى بالدفاع عن مرؤسيهم من العمال ،فلم تكن العلاقة بين الطبقة الغنية والعمال ، من اعلي إلي أسفل علي هيئة أوامر بين العامل ورب العمل ، ولكن أيضا العلاقة كانت في شكل لوم من العامل إلي رب العمل ، ففي بردية اللوفر رقم 3230 ب توجد رسالة أرسلها رئيس العمال “أحمس ” إلي رب العمل يلومه بأنه سحب من تحت إشرافه شابة صغيرة عاملة ،ودافع عن الشابة ، وقدم الأعذار نيابة عنها لأنها لم تكن لديها خبرة ، ولكن لو تم الصبر عليها فكانت ستكون عاملة ماهرة ، وذكر في معرض رسالته ان أمها تلومه شخصيا لترك الفتاة لتعمل مع شخص أخر. وفي بعض الأحيان كان العامل يتخطى رؤساءه ويتصل باعلي رئيس دون مراعاة للتسلسل الإداري ،فقد كان الرئيس الاعلي لعمال جبانة دير المدينة هو الوزير ، وعند احتياج العمال لشيء كانوا يخاطبون الوزير مباشرة ، وفي خطاب لأحد العمال ويدعي “انحرت -خاي ” موجه للوزير مباشرة ، يطلب العامل من الوزير ان يخاطب كبير كهنة أمون ومدير الخزانة بتدبير المواد التي يحتاجونها في العمل وملابس جديدة لهم بدلا من ملابسهم التالفة. وهكذا نرى اننا سبقنا حضارات العالم بوضع قواعد وقوانين للعمل والعمال وأنجزنا حضارة قدمت أول مدنية فى العالم القديم وقدمت كثير من العطاءات فى مجال العمارة والفنون والنواحى الروحية كل ذلك بفضل العامل المصرى.
مشاركة :