تَرِدُ إلى الجهات الحقوقية ودور الحماية الأسرية ومراكز الشرطة، حالات عنف أسري من النساء والرجال والأبناء والبنات، وقد تصل آثار العنف إلى شعور المعنَّف بالإحباط الشديد، ما يجعله يفكر جديا في الهروب من أسرته أو في الانتحار.ومن هنا يكتسب موقف مستقبِل الحالة أهمية كبيرة بحسن الاستماع إلى صاحب الشكوى، وتهدئة روعه، وبث الأمن في نفسه وحسن توجيهه إلى الطرق السوية والجهات التي تستطيع مساعدته، وذلك بالتواصل الإنساني معه ومع أطراف مشكلته، أو بتطبيق الأنظمة والأخذ على يد المعتدي وردعه وحماية المعتدَى عليه.وبموازاة جمعيات حقوق الإنسان وهيئاتها، أوجدت الحكومات مؤسسات اجتماعية تنفذ الأنظمة الهادفة إلى سيادة السلم الاجتماعي وحماية المظلومين، وقد تنامت مراكز الخدمة الاجتماعية والإرشاد الأسري ولجان إصلاح ذات البين بشكل جيد، ووجد فيها أشخاص واعون متمرسون على قدر من الكفاية والأمانة والخبرة، وذلك مما يقلل مخاطر شعور المعنَّفين بالإحباط.وإن من أسوأ حالات العنف ما يلحق بالأطفال من أذى نفسي وجسدي وحرمان عاطفي نتيجة انفصام عرى الرابطة الزوجية بين والديهم بالهجران أو الطلاق، ولذلك ضحايا كثر ومآس لا يمكن حصرها، وله آثار اجتماعية وخيمة، ولقد فطنت الجهات العدلية والأمنية والاجتماعية إلى هذه المخاطر، فطورت أنظمتها وآلياتها ومنحت الأمهات حق حضانة الأطفال لأنهن أقدر على ذلك من الرجال، وذلك وفق ضوابط تتوخى مصلحة الأطفال بالدرجة الأولى، وهذه خطوة جيدة، يُشكر متخذوها عليها من الجهات والأشخاص.على أن أكثر حالات العنف الأسري ناتجة من الاعتلالات النفسية لدى أحد الوالدين أو كليهما، نتيجة تعاطي المسكرات والمخدرات والمنبهات، مما ينشط المتربصون بمجتمعاتنا في نشره وترويجه بين الشباب والأحداث بشكل خاص.وهذه الخلاصة تستند إلى رصد موضوعي وإحصاء تراكمي للقضايا الواردة إلى بعض فروع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، وذلك جدير بالدراسة والتماس الحلول.وإن من العجيب والغريب أن بعض الدول العربية والإسلامية تسمح بتصنيع المسكرات وزراعة المخدرات وإنتاجها واستيرادها، حتى أصبح ذلك من مصادر دخل تلك البلدان أو بعض الأحزاب والجماعات على وجه الدقة.إن مكافحة المخدرات والخمور والمسكرات والحزم في تنفيذ الأحكام الشرعية والأنظمة على المنتجين لتلك المواد القاتلة، مسؤولية إنسانية واجتماعية قبل أن تكون مسؤولية دينية أو اقتصادية سياسية، علما بأن الدين يبيح ما فيه منفعة للبشر ويحرم ما فيه ضرر بهم.وعلى الحكومات العربية والإسلامية أن تتحلى بالحزم والصرامة والجدية في قطع دابر هذه الممارسات المدمرة لأغلى ما تملكه البلدان، وهو البشر الذين هم عمادها ورأس مالها، ويجب تضمين ذلك في الاتفاقيات الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية، واعتبار الالتزام به مقياسا مفصليا لحسن الجوار والعلاقات السوية بين الدول، ذلك ما يأمله العقلاء في العالم كله، وصدق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في قوله المأثور: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
مشاركة :