كثّفت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في الأيام الأخيرة من هجماتها المتنوعة في مناطق متفرقة من محافظة الحديدة حيث الساحل الغربي لليمن، في تصعيد يهدد بنسف الهدنة الأممية الهشة، بحسب ما أكدته مصادر عسكرية في القوات اليمنية المشتركة.واتهمت مصادر عسكرية يمنية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، الجماعة التي أدرجتها واشنطن أخيراً على قوائم الإرهاب بالسعي لتوسيع نطاق الهجمات، أملاً في تحقيق أي تقدم عند خطوط التماس، خاصة شرق مدينة الحديدة وجنوبها حيث مديرية الدريهمي، وفي مديريتي حيس والتحيتا.وبحسب شهود يسكنون على الطرق الواصلة بين محافظة الحديدة والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها الجماعة، دفعت الأخيرة خلال الأسبوعين الأخيرين بمئات من عناصرها من محافظتي إب وذمار لتعزيز قواتها على خطوط التماس، وبشكل خاص شرق مدينة حيس المتاخمة لحدود محافظة إب المجاورة.وتحدث الشهود عن مرور عشرات من العربات الحوثية التي تحمل المجندين القادمين من محافظة ذمار عبر طريق مدينة الشرق باتجاه مدينة الحديدة التي تطوقها القوات المشتركة من الشرق والجنوب منذ 2018. وهو ما يعني بحسب عسكريين إصرار من الجماعة على التصعيد لانتهاك الهدنة الأممية الهشة، القائمة على «اتفاق استوكهولم».إلى ذلك، أفادت مصادر في مديرة باجل، شمال الحديدة، بأن الجماعة الانقلابية استحدثت في الأسابيع الأخيرة معسكرين على الأقل لتدريب المجندين في المديرية على استخدام الصواريخ وزرع الألغام، بالتزامن مع نقل خبراء من صنعاء وصعدة للإشراف على عمليات التدريب العسكري والتعبئة الفكرية المصاحبة.في غضون ذلك، أفاد الإعلام العسكري للقوات اليمنية المشتركة المؤلفة من ألوية العمالقة والمقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) والمقاومة التهامية بأن هذه القوات رصدت 124 خرقاً وانتهاكاً ارتكبتها ميليشيات الحوثي في ظرف 6 ساعات يوم أمس (الأحد)، في إطار تصعيدها العسكري الذي يطال معظم مناطق ومديريات جنوب محافظة الحديدة.وقال مصدر عملياتي في القوات المشتركة إن الخروقات والانتهاكات الحوثية تضمنت عمليات عدائية بقصف واستهداف مناطق متفرقة آهلة بالسكان، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة والقذائف الثقيلة والمتوسطة.وأوضح المصدر أن معظم الخروق والانتهاكات الحوثية تركزت على مديرية حيس بصورة كثيفة، فيما طالت مناطق في مديرية التحيتا جنوب الحديدة؛ حيث كثّفت الميليشيات من تصعيدها العسكري، في سعي منها لنسف عملية السلام الأممية والقضاء على الجهود الأممية لتجنيب المدنيين ويلات الحرب والجرائم التي ترتكبها الميليشيات المدعومة من إيران.إلى ذلك، أكدت المصادر نفسها أن الميليشيات قصفت منازل المواطنين في عدد من القرى السكنية بمديرية الدريهمي، جنوب محافظة الحديدة، بعدد من قذائف مدفعية الهاون الثقيل عيار 82 مستهدفة منازل السكان في عدد من بلدات المديرية.ونقل المركز الإعلامي لألوية قوات العمالقة عن مصادر عسكرية قولها إن قصفاً حوثياً آخر بقذائف مدفعية B10 طال قرى أخرى في ذات المديرية، بالتزامن مع عمليات استهداف كثيفة لمنازل ومزارع المواطنين بالأسلحة الرشاشة المتوسطة مختلفة العيارات.وفي وقت سابق من يوم السبت، أفاد الإعلام العسكري بسقوط عشرات المسلحين الحوثيين قتلى وجرحى خلال قيام القوات المشتركة بالتصدي لهجوم للجماعة شنته في مديرية حيس؛ حيث تمكنت من كسر الهجوم الذي قتل فيه القيادي الحوثي نايف البلعدي مع عدد من مرافقيه.وفي السياق التصعيدي نفسه، قالت القوات اليمنية المشتركة إن الميليشيات الحوثية استهدفت منازل المواطنين في حي الجروبة شرق مركز مدينة التحيتا جنوب الحديدة، في سياق خروقها المتكررة للهدنة الأممية.وأفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة بأن الميليشيات فتحت نيران أسلحتها الرشاشة على الأحياء السكنية ومنازل المواطنين في الحي بصورة عشوائية مسببة حالة من الخوف والهلع في صفوف المدنيين.وتكبد الجماعة المدعومة من إيران جراء خروقها للهدنة الأممية في محافظة الحديدة الأسبوع الماضي عشرات القتلى، بينهم 3 قادة ميدانيين.ونقل الموقع الرسمي لألوية العمالقة عن مصدر عسكري في القوات المشتركة تأكيده مصرع القيادي الحوثي الميداني الحوثي المدعو «أبو حرب» ضمن عشرات القتلى في جبهة حيس جنوب الحديدة خلال هجوم فاشل للميليشيات، أحبطته القوات المشتركة.وجاء مقتل القيادي الحوثي البارز ليلتحق بقائدين آخرين قتلا في جبهة الدريهمي، وهما قائد كتيبة التدخل السريع للميليشيات المدعو أبو طه المرتضى والقيادي عبد الوهاب محمد علي بدر الدين الحوثي.ومنذ سريان الهدنة الأممية في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2018 شهدت خطوط التماس بين الميليشيات الحوثية والقوات المشتركة مئات المواجهات، فضلاً عن أعمال القصف المدفعي والصاروخي من قبل الحوثيين، والتي تسببت في مقتل وجرح مئات المدنيين من النساء والأطفال، فضلاً عن تهجير مئات العائلات باتجاه مناطق أكثر أمناً.وتكتفي البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة من وقت لآخر بإصدار بيانات تندد بالتصعيد، وتدعو لضبط النفس، في الوقت الذي عجزت فيه عن إحياء مسار المفاوضات في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار بموجب «اتفاق استوكهولم».ويقول سياسيون يمنيون تحدثوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»» إن بقاء الحديدة في يد الحوثي تعد ورقة ضاغطة بيده على الأطراف والوسطاء، كما أنها تمثل علاوة على المنفعة العسكرية؛ مناورة سياسية ومتنفساً اقتصادياً، ومن الصعوبة الحديث عن هزيمة أو الضغط على الميليشيا وهي تملك هذه المساحة، حتى رضوخها للمطالب الدولية ومساق السلام، إذ إن الحديدة الآن هي القنبلة التي تلوح بها الميليشيا في وجه العالم.
مشاركة :