لا أحد يمكنه أن ينكر دور القوانين و«الرؤية» و«التحول الوطني» في الحراك الاجتماعي الذي حدث للسعوديين منذ 2017 حتى الآن، ففي مقالة سابقة في هذه الصحيفة بتاريخ 19 أكتوبر 2020، قلت «يمكن وصف ما حدث بأنه انتقال من ثنائية الحلال والحرام إلى قانون المسافة»ولا شك أن القوانين وإعادة تنظيم عدد من الجهات الحكومية التي كانت تمارس صلاحيات، توصف في كثير من الأحيان بأنها خارج القانون، بل خارج إرادة الدولة، قد دفعت بهذا الحراك وجعلته يسير في مأمن قانوني، وهذا من الناحية الفنية لا شك فيه، لكن قياسا على التغيرات الاجتماعية الكبرى التي حدثت في التاريخ البشري والوقت الذي كانت تستغرقه، خاصة حين نتحدث عن مجتمع مثل مجتمعنا ظل أكثر من ثلاثة عقود يرزخ تحت خلفية فكرية واحدة بزاوية حادة لم تكن تقبل أي خيارات أخرى، إلا ما يكون بهدف بروزها ثم هزيمتها أمام المجتمع.عطفا على ذلك، هل كانت «الرؤية» والقوانين ومبادرات «التحول الوطني» وكبح الخطاب المتطرف، كافية لإحداث هذه المتغيرات الاجتماعية وظهور المسلك الإنساني في المجتمع بهذه السرعة، خاصة أن الوعي وتغيير المفاهيم يحتاج وقتا ويرتبط بالتعليم ومؤسسات المجتمع المدني، وهو أمر لا يمكن أن يحدث بين يوم وليلة، ولا يمكن أن يتغير مجتمع كامل بـ«القوننة» خلال ثلاث سنوات؟ والمراقب يلاحظ أن كثيرا من القوانين التي كانت تستهدف الإصلاح الاجتماعي صدرت قبل «الرؤية» لكنها سرعان ما تلاشت أمام «الفكر الأحادي»يبدو بقياسات التحولات الاجتماعية التي حدثت حول العالم في التاريخ البشري القريب والمتوسط، أن الأمر لدينا بقدر ما هو نتاج قوانين وإرادة سياسية وافقت رغبات المجتمع، بقدر ما كان سقوط نظرية، ثبت أنها من الهشاشة للحد الذي لم تتملك فيه المجتمع رغم كل التسهيلات التي حظيت بها طوال 30 عاما «سقوط نظرية» الوعظ والترهيب وصبغ المجتمع بلون واحد أمام قانون واحد.إذن، يمكن القول: إن تلك النظرية لم تكن أكثر من خيوط عنكبوتية نسجت حول المجتمع، لكنها لم تحجب عنه الرؤية، وما كان يحدث ليس إلا نزولا لعرابي تلك القوة وليس إيمانا بصلاحيتها.
مشاركة :