حكومة المشيشي 2 تواجه منح الثقة بظهير برلماني متصدع | الجمعي قاسمي

  • 1/25/2021
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

يتوجه رئيس الحكومة التونسية الثلاثاء إلى البرلمان من أجل تمرير التعديل الوزاري الذي ضم 11 وزيرا وسط تصاعد التكهنات بشأن إمكانية تعرض الرجل لـ”انتكاسة سياسية” من خلال عدم منح بعض الوزراء الثقة وذلك على خلفية مناورات تقودها الأحزاب الداعمة لهشام المشيشي وكذلك تشبث المعارضة المنقسمة على نفسها برفض هذا التعديل. تونس - يواجه رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، تحدّي منح الثقة لأعضاء فريقه الحكومي الجديد الذي جاء به التعديل الوزاري الذي فاجأ بتوقيته وعدد الحقائب الوزارية التي شملها، والأسماء التي تضمنها، غالبية الأوساط السياسية والحزبية، لما انطوى عليه من رسائل سياسية لا تزال تفرض عناوينها في سياق ردود الفعل المختلفة التي بدت في معظمها غير مطمئنة. ويعقد البرلمان التونسي الثلاثاء، جلسة عامة للتصويت على منح الثقة للوزراء الجدد، وعددهم 11 وزيرا، وسط جدل مُتصاعد كشف عن حجم المتاعب التي تنتظر الفريق الحكومي الجديد، نتيجة تعقيدات كثيرة تبدأ بتزايد تصدع الحزام السياسي للمشيشي، ولا ينتهي عند رهان إرساء حكومة متجانسة ومترابطة تكون قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. ويحتاج المشيشي في هذا الامتحان الجديد لتمرير أعضاء حكومته الثانية إلى أصوات 109 نواب على الأقل من أصل 217، وهي مهمة تبدو صعبة لعدة اعتبارات مُرتبطة بمحدودية أوراق التعويل على حزامه البرلماني والسياسي الذي تتحكم فيه المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، وكذلك أيضا بانعدام الرهان على وضوح الرؤية الحكومية التي تستجيب للحد الأدنى من مطالب الكتل البرلمانية الأخرى. وبدت هذه الصعوبة واضحة من خلال تزايد المؤشرات الدالة على هشاشة الحزام السياسي والبرلماني الداعم للمشيشي، وأخرى لها صلة بتمسك المعارضة بمواقفها الرافضة لهذا التعديل الوزاري الناتج عن حسابات سياسية أملتها أجندات موازين القوى المُتحركة على مسار العلاقة بين الرئاسات الثلاث في البلاد. وفي سياق هذه المصاعب التي عمقتها الانقسامات السياسية وغضب الشارع الذي تعكسه الاحتجاجات الشعبية المُتصاعدة، استبقت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر (16 مقعدا برلمانيا)، الجلسة البرلمانية العامة والمُخصصة لمناقشة منح الثقة للفريق الحكومي الجديد، بالتأكيد على أن حزبها لا يرفض هذا التعديل الوزاري فقط، وإنما سيعمل على إسقاط الحكومة برمتها. وأعلنت في تصريحات أدلت بها على هامش افتتاحها ليوم برلماني نظمته الأحد، الكتلة البرلمانية لحزبها، أنها ستُجري لقاءات مع بقية الكتل البرلمانية، والقوى المدنية “من أجل إسقاط الحكومة، والاتفاق على اختيار اسم جديد بديل لرئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي يكون غير خاضع لإرادة حزب الإخوان”، وذلك في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي. ولا تتوقف المتاعب التي تواجه المشيشي عند هذا الرفض المُعلن والقاطع، وإنما يتجاوز ذلك إلى مربعات أخرى بحيث يصعب معها الجزم بنهايات ما ستؤول إليه الأمور تحت قبة البرلمان، لاسيما وأن تلك المربعات تشمل أيضا بقية أحزاب المعارضة وخاصة منها الكتلة الديمقراطية (38 معقدا برلمانيا) التي لا تُخفي هي الأخرى رفضها لهذا التعديل المثير للجدل. ويتضح هذا الرفض جليا من خلال موقف غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا برلمانيا) المُشارك في الكتلة الديمقراطية، الذي قال لـ”العرب”، إن التعديل الوزاري المُعلن لم يأت بعد تقييم لأداء الفريق الحكومي السابق، وهو بذلك يعكس فشل المشيشي في اختيار أعضاء حكومته التي لم تُقدم برنامجا واضحا أو خطة عمل تتضمن أولوياتها ومقارباتها لمعالجة الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. وتوقع في المقابل، أن يصطدم المشيشي بجملة من المصاعب التي من شأنها الحيلولة دون حصول جميع الشخصيات الجديدة التي اختارها لتولي حقائب وزارية في حكومته، على ثقة البرلمان، حيث هناك إمكانية لسقوط شخصية أو أكثر في امتحان منح الثقة، الأمر الذي سيُشكل “ضربة سياسية جديدة” للمشيشي ستكون بمثابة السابقة في تاريخ الحكومات التونسية منذ العام 2011. سفيان مخلوفي: المشيشي سيمرر تحويره الوزاري بصعوبة، وبفارق بسيط لما هو مطلوب من الأصوات وشدد على أن هذه الإمكانية “واردة بقوة”، لعدة اعتبارات منها أن العديد من الكتل البرلمانية الأخرى ما زالت مواقفها مُترددة، خاصة بعد “بروز شبهات تضارب مصالح تُحيط ببعض المقترحين في التعديل الوزاري المذكور، الذي غالط فيه المشيشي الرأي العام بقوله إنه حافظ على فلسفة حكومته الأولى القائمة على مبدأ استقلالية الوزراء، في حين جاءت قائمة الأسماء المقترحة على عكس ذلك”. ورغم الارتباك المحيط بتحركات المعارضة الذي حال دون بلورة جبهة رافضة لهذا التعديل الحكومي بأغلبية برلمانية كبيرة، اعتبر الشواشي أن تونس “دخلت في مرحلة حاسمة تستوجب تدخل الجميع لوضع استراتيجية واضحة لإنقاذ البلاد”، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه المساعي خلف الكواليس لاحتواء هذا الرفض، والحيلولة دون اتساع دائرته. ومع ذلك، أعرب النائب البرلماني سفيان المخلوفي عن اعتقاده بأن هشام المشيشي “سيُمرر تعديله الوزاري بصعوبة، وبفارق بسيط لما هو مطلوب من الأصوات، حيث سيمر بأصوات قليلة لما فوق الـ109 أصوات”. وشدد المخلوفي في تصريح لـ”العرب”، على أن هذا التعديل الوزاري “يأتي على خلفية مصالح أطراف حزامه السياسي، وليس على قاعدة تقييم موضوعي لأداء حكومته وأدائه شخصيا (…) لذلك فإن الصراع على افتكاك المواقع بين مكونات الأغلبية الحاكمة جاء ببعض الوزراء المقترحين تلاحقهم شبهات الفساد أو تضارب المصالح”. ولم تُبدد تصريحات القيادي بحركة النهضة، نورالدين البحيري التي أشار فيها إلى أن الكتلة البرلمانية لحركته “تتجه نحو دعم التحوير الوزاري بعد أن تم رفع اللبس حول بعض الوزراء المقترحين”، قلق المشيشي الذي تقلص هامش المناورة أمامه بعد أن اقترب كثيرا من استنفاد آخر أوراق التعويل على كسب الرهان لحكومته الجديدة.

مشاركة :