تموضع أميركي جديد في سورية يحمل رسائل حازمة لتركيا وإيران

  • 1/29/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قالت مصادر محلية من شمال شرقي سورية لـ"الرياض": إن الولايات المتحدة دفعت بتعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى المناطق الحدودية السورية مع تركيا والعراق تضمّنت آليات ومدرعات أميركية ثقيلة استقرّت في قاعدة عسكرية أميركية في منطقة المالكية شمال شرقي سورية. وتحدّثت المصادر عن تحرك أميركي لإقامة قاعدة عسكرية جديدة ضخمة في منطقة "ريف المالكية" الاستراتيجية التي حاولت تركيا مؤخراً دخولها قبل أن تصل التعزيزات الأميركية. وشهدت المنطقة تحليقاً مكثفاً لطيران التحالف الأميركي في شمال شرقي سورية في إشارة لتدشين عهد أميركي جديدة من التعاملات مع تركيا. ويصف الباحث الأميركي في الشأن التركي، جيران أوزكان اتهامات أنتوني بلينكن الصريحة لأنقرة بأنها "لا تتصرف كحليف" بالإضافة إلى تلميحه عن عزم أميركا تشديد العقوبات الأميركية على تركيا بسبب شرائها منظومة S-400، بأنها بداية لمرحلة جديدة من العلاقة الأميركية - التركية التي تصدّعت خلال السنوات الأخيرة. ويقول أوزكان: إن تعزيز الوجود الأميركي شمال شرقي سورية هو رسالة أميركية لتركيا بألا تتدخل في هذه المنطقة وتتوقف عن زعزعة الاستقرار فيها، وأن ترمب المعجب بأردوغان لم يعد في البيت الأبيض. وبالإضافة إلى الرسائل الأميركية المبكرة لتركيا، يرى أوزكان في هذا التحرّك الأميركي رسالة إلى روسيا التي تحاول أن تستحوذ على ما بقي من المناطق السورية لإعادة شرعنة نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين الأمر الذي ترفضه إدارة جو بايدن. واعتبر أوزكان تعيين بريت ماكغورك كمدير أول لمجلس الأمن القومي لسياسة واشنطن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مؤشراً قوياً على تشدد سياسات بايدن القادمة بشأن تركيا وخاصة في الملف السوري حيث كان ماكغورك قد حمّل تركيا جزءاً كبيراً من المسؤولية وراء انتشار تنظيم داعش الإرهابي وإغراق سورية بالمقاتلين الأجانب. وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن قد وصف تركيا الأسبوع الماضي بالشريك وليس الحليف بالنظر إلى صفة تركيا القديمة في واشنطن كحليف استراتيجي في حلف الناتو، ما يشير إلى عزم أميركي على إعادة صياغة العلاقة الغربية تجاه تركيا مع الحلفاء الأوروبيين. محلل أميركي لـ«}»: إدارة بايدن لا تحمل حلولاً سهلة لمشكلات طهران المستعصية ومن مؤشرات استشعار تركيا بالخطر القادم من وراء الأطلنطي مع قدوم إدارة بايدن، دعواتها التي وصفت بالودية لليونان للتفاوض والتوصّل إلى تفاهمات تفضي إلى إنهاء النزاع في شرق المتوسط. وفي تقرير أخير صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، أشارت الوزارة إلى استمرار تنظيم "داعش" الإرهابي بالاعتماد على شبكة من العلاقات داخل تركيا لدفع عجلة تمويله. وقالت الخزانة الأميركية: "غالباً ما يجمع التنظيم المتطرف الأموال النقدية من متعاطفين في دول أوروبية ويرسلها إلى وسطاء في تركيا حيث يقومون بتهريب الأموال إلى سورية". وعندما شنت الولايات المتحدة غارتها على محافظة إدلب شمال غربي سورية لاغتيال زعيم داعش أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 ، كتب منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا المعين حديثًا بريت ماكغورك مقال رأي لصحيفة واشنطن بوست، أشار فيه إلى أن مخبأ البغدادي كان بالقرب من موقع عسكري تركي في إدلب، وأن على أنقرة شرح ما حدث وكيف حدث ذلك من دون علمها. إيران قلقة شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في حدة الاشتباكات في المناطق الشرقية من سورية بين "قوات سورية الديموقراطية" من جهة وقوات إيران في دير الزور والنظام السوري في محافظة الحسكة من جهة أخرى، حيث يقلق النظام السوري وحلفاؤه من مجيء بايدن العازم على البقاء في المنطقة. ويمنع الوجود الأميركي في شمال شرقي سورية إيران والنظام السوري، من جني موارد أغنى المناطق السورية بالنفط والقمح والقطن التي تشكل مجتمعة أهم الثروات السورية التي لا يحصل النظام على عائداتها منذ سنوات. وقالت مصادر من الأرض لجريدة "الرياض": إن "قوات سورية الديموقراطية" تضيّق الخناف على ما بقي من قوات تابعة للنظام السوري في محافظة الحسكة ومدينة القامشلي حيث أمهلت قسد قوات النظام عدة أيام لترك مواقعها في مدن شمال وشرق سورية. ويقول غسان قاسمي نجاد، خبير السياسات الإيرانية في معهد "الدفاع عن الديموقراطية" الأميركي لـ"الرياض": إن الولايات المتحدة التي تواجه تحديات أمنية في العراق ترى اليوم في وجودها في سورية عاملاً إيجابياً ومكسباً يمنع النفوذ الإيراني من التوسع والاستحواذ على المنطقة الحدودية المهمة. مضيفاً: بينما تواجه أميركا صواريخ ميليشيات إيران من عدة جهات في الأراضي العراقية، تتمكن القوات الأميركية بمساعدة قوات سورية الديموقراطية من إرساء وجود مستقر وآمن لقواتها في شمال شرقي سورية التي ستصبح على ما يبدو في عهد جو بايد نقطة وجود عسكري أميركي ثقيل يكون هدفه مقاتلة تنظيم داعش في سورية والتحسّب لأي طارئ في العراق الذي لا يبعد سوى بضعة أميال قليلة عن أراضي شمال شرق سورية. كما يشير قاسمي نجاد إلى تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي أعرب عن رغبته بالاستمرار بتطبيق العقوبات المرتبطة بتمويل إيران للجماعات الإرهابية حيث اعتبر بلينكن إيران "أكثر بلد مموّل للإرهاب" في رده على سؤال موجة من السيناتور الجمهوري تود يونغ حول نيات الإدارة الجديدة تجاه ميليشيات إيران. وكان بلينكن قد أشار إلى اتهامات بومبيو لإيران بأنها من يحتضن تنظيم القاعدة ويموّلها على أنها "حقائق يجب أن تؤخذ على محمل الجد" معتبراً السلوك الإيراني في المنطقة محط قلق لإدارة جو بايدن أيضاً. وقال أنتوني بلينكن للسيناتور الجمهوري تيد كروز: "لن أعارض تطبيق أشد العقوبات الممكنة للتعامل مع الدعم الإيراني للإرهاب" وذلك في إشارة من بلينكن إلى العقوبات الموجهة للحرس الثوري الإيراني والبنك المركزي الإيراني وقطاع النفط الإيراني والتي طُبّقت بسبب مسؤولية إيران عن مصرع مئات الأميركيين في العراق وسلوكياتها في تأجيج الصراع في سورية. ويرى قاسمي نجاد في تعزيز القوات الأميركية شمال شرقي سورية خطوة إيجابية لصد السلوكيات الإيرانية الضارة باستقرار المنطقة حيث تتعرض إيران اليوم لضغوطات عسكرية أميركية ومحاولات لإبعادها من الشمال الشرقي وضغوطات أخرى من الطيران الإسرائيلي من جنوب وغرب سورية ما يقوّض قدرة إيران في الاستفادة من وجودها في سورية الذي يتحوّل مع الوقت إلى عبء على طهران المثقلة بالمشكلات والتي لا يبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة تحمل أي حلول سهلة لها.

مشاركة :