بلغت المعاناة الإنسانية لأهالي الشمال السوري، حداً غير مسبوق، خاصّة في منطقة عفرين، مع التصعيد الذي تقوم به المليشيات التابعة للجيش التركي، والتي باتت تمارس أشكالاً شتى من القرصنة والإجرام، والتي طالت النساء والأطفال وكبار السن، و يتعرض السكان لانتهاكات خطيرة، تتعلق بالخطف وطلب فدية مالية، وإجبار النساء على الزواج من المسلحين، بالإضافة إلى جملة الانتهاكات المعروفة، والتي تبدأ بالتحرش والانتهاك الجسدي، وتنتهي بالاغتصاب والقتل، كما أسّست المليشيات، تحت إشراف الجيش التركي، معتقلات خاصّة، لا تخضع لأيّ ضوابط قانونية، ويتم فيها تعذيب المعتقلين، وانتهاك كرامتهم، وربما يكون مصيرهم الموت بأيادي جلادين لا يعرفون الرحمة. وفي تصريحاته وفقا “العربي ستريت”، أكّد إبراهيم شيخو، الناطق باسم منظمة حقوق الانسان بعفرين، على تواصل عمليات اختطاف الأكراد، خاصّة في بلدة معبطلي، واستهداف ابناء (الطائفة العلوية) في منطقة ريف عفرين المحتلة، بزعم قيام أحدهم بتفخيخ سيارة القيادي في الجبهة الشامية، أبو محمد حزواني، على الرغم من ثبوت التهمة على أحد أعضاء الفصيل، وهو الشيخ جمعة الجبلي، مسؤول ناحية المعبطلي، من أهالي دير حافر، والذي كان ينافس حزواني على القيادة، أمّا السبب الحقيقي وراء ملاحقة العلويين في عفرين، فهو قيامهم بالمطالبة بمنازلهم التي استولى عليها فصيل الجبهة الشامية، ومن ثم أرادت التنكيل بهم، والانتقام منهم. ويؤكد شيخو، أنّ عدد المختطفين الكرد من أبناء الطائفة العلوية، بلغ مؤخراً نحو 38 بينهم 3 مسنين و5 نساء، وأنّهم تعرضوا للضرب والتعذيب الشديدين من قبل مسلحي الفصيل، وذلك في أثناء حملة المداهمة، تحت زعم البحث عن مطلوبين، في حادث التفخيخ المزعوم، فوفقاً لشهود العيان، جرى ضربهم وإهانتهم أمام ذويهم، قبل أن يتم اقتيادهم إلى مقار أمنيّة تابعة للفصيل الموالي للجيش التركي في البلدة. ويؤكّد أحد الذين جرى اختطافهم لمرات عديدة، أنّه بعد اقتياده وعدد من المختطفين إلى أحد المقار الأمنيّة، تعرضوا للضرب الشديد، وجرى احتجازهم في حجرة لمدة أربعة أيام، بدون طعام أو شراب، قبل أن يتم إطلاق سراحهم، والبعض منهم مازال قيد العلاج نتيجة التعذيب الشديد، والجفاف الناتج عن ظروف الاحتجاز غير الآدمية. وتعرضت عفرين ومازالت، لأبشع جرائم الحرب، وأشكال شتى من النهب والسلب والتعذيب، وفرض الضرائب الطائلة، مع طمس هوية كل ما هو كردي، وإلى الآن، تتواصل عمليات مداهمة المحال التجارية، واقتحام البيوت، وانتهاك الحرمات، وتحت هذا الضغط، تجري عمليات التهجير القسري، مع توطين العناصر الموالية، لتكوين ما يعرف بالحزام التركي الآمن، والذي يأتي ذريعة لاحتلال الأرض، وطرد سكانها، في جريمة ترقى إلى ما اقترفه مجرمو الحرب في عصور سابقة. وتفرض سلطات الاحتلال، والمليشيات الموالية لها تعتيماً كبيراً، حول هوية المختطفين، سواء من قتلوا منهم، أو من أفرج عنهم، وهؤلاء تمنعهم من الإدلاء بأيّ تصريحات، رغبة في إخفاء معالم الجريمة.
مشاركة :