تمشي حافية القدمين تنظر لكل من يتنعل حذاءً مزركشًا وتبتسم وتنظر لقدمها الملطخة بالتراب والطين كأنها تمتلك حذاء، ظلت تنظر من بعيد لذاك اللهب العالي الذي يخرج من آبار النفط تتمني الاقتراب منه لعل جسدها يدفأ لأن والدتها لا تستطيع شراء ذاك الشال من الصوف الذي ترتديه الفتيات في برد الشتاء القارص فهم أحوج للطعام، بعدما مات والدها في تلك المسيرة التي خرج فيها باحثا عن لقمة العيش وكان ينادي بأعلى صوته الخبز...أيها الناس؟ الا أن الناس من حوله تنادي... الحرية والديمقراطية وهو يردد... الخبز! الخبز! فأولادي جياع يصيحون من الجوع كل ليلة ولا أجد ما يسد حاجتهم. وحين أقترب من تلك المنصات القريبة من داره قال في سخرية: هذا اللهب لا يدفئ المكان، ثم عاد لمنزله كعادته اليومية وأبناءه ينتظرونه فنظر إليهم في صمت وتحدثت دموعه ثم ارتدي معطفه المليء بالقطع الملونة سمع الناس يتحدثون عن الذهب الأسود وأشار إلية أحد المارة: ترى تلك الشعلة أنه الذهب الأسود؟ ظل ناظرًا إليه فرحًا به وذهب لأولاده: البشري الذهب الأسود بجوارنا وغدًا سأهذب إليه، وفي الصباح استيقظ على آذان الفجر وخرج من بيته للحاق بالصلاة وبعد الصلاة قال لشيخ المسجد هل أذهب لأخذ نصيبي من ذاك الذهب؟ حذرة الشيخ؟ وظل يردد كلامه؟ والشيخ يحذره؟ فقال: هو قريب لداري! وترك الشيخ وتوجه لطريق اللهب وفي الطريق أطلقت عليه عدة طلقات أردته قتيلًا وفي المساء كانت صوره تجوب وسائل الإعلام (الرجل الذي أراد تفجير الإنشاءات النفطية) وظلت القصة تلاحق أبناؤه هي أحداهن تمشي حافية القدمين تقول: لقد قتل الذهب والدي ولم نجد الخبز إلا أن ذهبًا قد ذهب فلا هو لنا ولا نصل اليه، وظلت تجوب الشوارع تستعطف المارة حتى تستطيع أن تأتي بقليل من الخبز لأخوتها وهي تنادي الخبز. الخبز..... فوجدت مسيرة تنادي الذهب لنا؟.. وهي تبكي لا ذهب نريد الخبز! وهناك بعيدًا وجدت فردة حذاء ملطخة بالدماء أمسكت بها ومسحتها ووضعتها في قدمها ثم نادت الذهب... الذهب..... إلا أن رصاصة الغدر استقرت في قلبها أرتمت على الأرض وبصوت هادئ الخبز... الخبز.... واذا برجل مسن يضع يده تحت رأسها وفي يده فردة الحذاء الثانية هذه لك أبنتي.... ابتسمت وقالت له عماه.....أوصلها لأختي ستفرح... كانت تريد الخبز... فأعطها الحذاء أما نحن فولدنا فقراء وقتلنا ظلمًا... وتشهد أرواحنا على ذهب لم يعطنا قطعة خبز.
مشاركة :