: صار لك فترة مبتعدة عن الظهور الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي: نعم عندي حالة من حالات الزهد بالموجود والمتاح.:زهد؟!: محاولة لتجنب استخدام مصطلحات أخرى كالقرف أو الغثيان وهي الوصف الأنسب لانطباعاتنا عما هو موجود على هذه الوسائل، فاخترت مصطلح الزهد بدلاً منها حتى لا يقال إنها حالة ترفع تكبر وغرور.: لكل وسيلة جانبها السلبي والإيجابي فهذا منطق الأمور.: صحيح إنما وجود هذه الوسائل وإتاحتها للجميع بلا استثناء أثبت أن النسبة بين الصالح والطالح غير عادلة تماماً في عالمنا البشري، بين الموجب والسالب بين الخير والشر بين الغث والسمين، نحتاج لبذل جهد كبير جداً كي ننتقي.: وجود خاصية الإلغاء يحدد لك مساحتك وحريتك من لا يعجبك ألغي متابعته.: ليت الأمر بيدك إنهم يقتحمون عليك تلك المساحة رغماً عن أنفك، مجبر أنت على سماع وقراءة ومشاهدة ما لا ترغب فيه، إن بحثت عن مادة خبرية فلا تجد المصداقية، أخبار تناقض بعضها بعضاً وأصبحت مرغماً على البحث عن التوجهات وعمن يمول الحساب حتى تعرف صحة الخبر من عدمه، وإن بحثت عن التحليل فلا يظهر لك غير وصلات ردح وسطحية، وإن بحثت عن تفاعل فلا تجد غير من لم يعرف للأدب عنواناً ولم يطرق باب بيته السنع، إن بحثت حتى عن تسلية وترفيه فتظهر لك أم التفاهات مجسدة تحت باب الفاشانسيتات، ما هذا؟ أين وصلنا؟ ما هو الحد الأقصى أو الخط الأحمر للممنوعات؟ كم هي مساحة التنازلات الأخلاقية والمرونة المسموحة بها والتي يمكن أن يقدمها أصحاب الحسابات من أجل جذب الانتباه بشرط ألا تفقدك احترام لنفسك؟تفهمنا وقبلنا أن نشارك الآخرين معنا في حياتنا وخصوصيتنا، قبلنا ببعض الممنوعات التقليدية لكن هذا العالم المجنون الذي نراه تخطى كل الخطوط الحمراء، تجاوز الممنوع إلى المحرم وعلناً وجهاراً، فبعد أن تجاوزنا عمن يدعي أنه مريض بالسرطان ومن يدعي الخلاف مع الآخرين ومن تتعرى وكل سنتمنتر مكشوف يجذب مائة متابع وعليك الحسبة، من يستخف دمه ودمه أثقل من القار، وصلنا إلى السلفي مع الجثث وأب يعذب طفلته الصغيرة ويصور عملية التعذيب، وأم تجبر ابنها الصغير على ارتداء ملابس النساء وتضع له مكياجاً وهو يبكي، ووصلنا إلى من يغتصب حيواناً ويصور!!رجال الأمن منشغلون بالقبض على المجانين ونزع الهاتف من يدهم، ومحاكمنا غصت بقضايا خدش الحياء بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تقوم مقام «التسويق» للدعارة.: هناك مساحات إيجابية وسط هذا الغث هناك مؤثرون في هذا الوسط لهم متابعون رأس مالهم الكلمة الطيبة، هناك محللون سياسيون جدد ظهروا وبرزوا ولهم متابعون بعد أن تجاهلتهم قنواتنا الرسمية ولم تكن تفتح لهم الباب فتجاوزوها ومن خلال قنواتهم الخاصة أصبح لديهم متابعون كثر.: صحيح إنما يلزمك الوقت الكافي والطاقة الكافية وأن تضغط على أعصابك وتسد أنفك وأنت تبحث عن تلك الإبر وسط كومة القمامة المتحللة في الإنستغرام وتويتر وتيك توك وفيسبوك وواتس أب ووو، وعمرنا يقصر ولا يزيد وكل لحظة تضيع بلا فائدة أو متعة حقيقية وبلا استرخاء نفسي هي إهدار وحرق لما تبقى من عمرك.: و استكمالاً ليس لديك الوقت للبحث عن تلك الإبر صحيح؟ ما الذي يشغل وقتك إذاً؟: أوووووووو تلك حكاية أخرى وقصة أخرى ومقال آخر يوماً ما سأحكيها.
مشاركة :