قمع طلاب جامعة البوسفور يفاقم خلافات واشنطن وأنقرة | | صحيفة العرب

  • 2/5/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال إدارة دونالد ترامب، التي تزامنت مع فترة محاولة الانقلاب في تركيا صيف العام 2016، أفلتت أنقرة من أيّ عقوبات رغم اعتقال المئات من المعارضين وأنصار حقوق الإنسان، لكن إدارة جو بايدن أوضحت منذ البداية أنها ستتعامل مع أنقرة بشكل مختلف. أنقرة- تحمل إدانة الإدارة الأميركية لحملة القمع التي تقودها السلطات التركية ضد طلاب جامعة البوسفور رسائل مباشرة لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يفاقم الخلافات بين واشنطن وأنقرة المتوجسة أصلا من إدارة أميركية جديدة تستعديها. وقوبلت الإدانة الأميركية لانتهاكات الحكومة التركية لحقوق الإنسان باستهجان من قبل السلطات التركية التي وجدت نفسها في مأزق مع أول تصادم مع الإدارة الأميركية الجديدة رغم محاولاتها تخفيف التوتر. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان الخميس، إنه “لا يحق لأي جهة التدخل في شؤوننا الداخلية”، مؤكدة أن حقوق التجمع والتظاهر وحرية التعبير مضمونة وفقا للدستور. وأشارت الخارجية التركية إلى أن قوات الأمن ستستمر في أداء واجباتها ومسؤولياتها وفقا للصلاحيات التي يمنحها القانون. وأضافت أن “الذين يتجاهلون الأحداث في الجامعة وتعامل تركيا مع هذه الأحداث في إطار القانون، ويقومون بإعطاء تركيا الدروس في الديمقراطية وسيادة القانون، ننصحهم بالنظر إلى المرآة. ولا يحق لأي جهة التدخل في شؤوننا الداخلية”. ويرى مراقبون في حدة بيان الخارجية التركية إشارة واضحة إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن ستزداد توترا في الفترة المقبلة، حيث من المنتظر أن يكون ملف حقوق الإنسان داخل تركيا من أبرز القضايا التي ستهتم بها واشنطن في الفترة المقبلة إضافة إلى التدخلات التركية في عدد من الساحات. واعتقلت السلطات التركية العشرات من المحتجين خلال الأسبوع الجاري، بعدما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين في حي كاديكوي، على الجانب الآسيوي من إسطنبول، حيث تجمع المئات للتعبير عن دعمهم لطلاب جامعة بوغازيتشي (البوسفور). ويتظاهر المئات من طلاب جامعة البوسفور في إسطنبول ضد تعيين مليح بولو، المقرب من أردوغان، على رأس الجامعة، معتبرين التعيين محاولة من السلطة لوضع اليد على الجامعة. وإذا كان رئيس جامعة البوسفور يتم اختياره في الماضي عن طريق الانتخاب، فإن أردوغان أخذ على عاتقه تعيين رؤساء الجامعات عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في العام 2016 التي أعقبتها سيطرة صارمة على كل المؤسسات. وأثار الرئيس التركي امتعاض الأوساط الأكاديمية إثر تعيينه لأول مرة عميدا ليحل مكان رئيس جامعة البوسفور الذي يحظى بشعبية والذي كان قد انتخب قبل أيام قليلة من محاولة الانقلاب. ويتمتع أردوغان، الذي اكتسب سلطات واسعة بعدما أصبح أول رئيس بسلطات تنفيذية في عام 2018، منفردا بسلطة تعيين رؤساء الجامعات التي تديرها الدولة، إلا أن الطلاب يطالبون بالحق في انتخاب رئيس جامعتهم. وقالت الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب المظاهرات السلمية التي تشهدها تركيا احتجاجا على تعيين رئيس جديد لإحدى أبرز الجامعات. وأضافت الخارجية في بيان ليلة الأربعاء – الخميس “نشعر بالقلق إزاء اعتقال الطلاب وغيرهم من المتظاهرين”، مضيفة “حرية التعبير هي عنصر حاسم في ديمقراطية نشطة وفعالة ويجب حمايتها”. وتابعت “تعتمد المجتمعات المسالمة والمزدهرة والشاملة على التدفق الحر للمعلومات والأفكار”. وأكدت الخارجية الأميركية أن “الولايات المتحدة تعطي الأولوية لحماية حقوق الإنسان وتقف جنبا إلى جنب مع أولئك الذين يناضلون من أجل حرياتهم الديمقراطية الأساسية”. وتشهد العلاقات الأميركية التركية تدهورا مع تولي الرئيس بايدن السلطة، لكن هذا التدهور كانت مؤشراته واضحة حتى قبل تسلم الإدارة الجديدة لمقاليد الحكم. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد هاجم إثر إعلانه عن الخطوط العريضة للسياسات الخارجية، النهج التركي في ما يتعلق بتدخلها في عدد من الساحات في المنطقة إضافة إلى ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان. ووصف بلينكن تركيا بأنها حليف استراتيجي مزعوم قبل توليه المنصب، ما يشير إلى أن الحكومة التركية ستواجه ضغوطا كبيرة. ويؤكد مراقبون أن عهد التغاضي عن الانتهاكات التركية في مختلف الملفات خاصة في ملف الديمقراطية قد انتهى مع نهاية حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي منح الضوء الأخضر لأردوغان للتمادي. كما أن تهم الإرهاب الجاهزة التي تطلقها الحكومة التركية تجاه كل من يعارض سياساتها لم تعد مقنعة للدوائر الغربية وخاصة للسلطات الأميركية. ورجحت شبكة “سي.إن.بي.سي” الأميركية أن تكون العلاقات بين أنقرة وواشنطن في الأعوام الأربعة المقبلة مختلفة تماما عن سابقتها. مراقبون يؤكدون أن عهد التغاضي عن الانتهاكات التركية في مختلف الملفات قد انتهى مع نهاية حكم ترامب ونقلت الشبكة عن مايكل روبين، المسؤول السابق في البنتاغون قوله، إن “الشيء الوحيد الذي جعل العلاقة متماسكة على مدار الأعوام الأربعة الماضية كان العلاقة الشخصية بين الرئيس ترامب مع نظيره التركي أردوغان. ومع رحيل الأول، على أردوغان أن يقلق جدا جدا”. وأرجع ذلك إلى عدم وجود نقص في نقاط الصراع بين أنقرة وواشنطن، وهي النقاط التي تكشف المواقف المتعارضة تجاه الجغرافيا السياسية والتحالفات والحكم. ومن بين تلك الأمور أيضا، حقوق الإنسان في تركيا التي انتقدها الديمقراطيون تحديدا، وشراء أنقرة لمنظومة الدفاع الروسية أس – 400 التي أغضبت حلفاءها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتسببت في عقوبات أميركية. ويضاف إلى ما تقدم الأعمال العسكرية التركية التي تستهدف الأكراد، حلفاء واشنطن في سوريا، ودعم الجماعات المتطرفة والإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط.

مشاركة :