كان الإعلام في السابق يقتصر على الصحف والمجلات والإذاعة والتلفاز وكان الانتشار محدوداً في المدن الرئيسة وفي بعض المحافظات، وقل ما تصل تلك الوسائل إلى القرى والهجر البعيدة وكان الناس لا يجدون غير تلك الوسائل وكانت الصحف الورقية تجول بين المدن والمحافظات وتصل إلى القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة لتكون في متناول أيدي القراء على اختلاف ثقافاتهم. أما اليوم فأصبح الإعلام يشكل هاجساً لدى جميع المتلقين بجميع أصنافه وأشكاله المتعددة والتي قد لا تخطر على بال. لو قال قائل قبل خمسين سنة: إن التلفاز أو المقاطع المرئية ستكون في جيب الشخص عبر أداة صغيرة لا تتجاوز حجم الكف فلن يصدق أحد ذلك، ولو قال أحد قبل أربعين سنة أو حتى ثلاثين سنة إنك سوف ترى شخصاً ينقل لك الحدث في حينه من منطقة لا تتوفر فيها وسائل الحياة فلن تصدق ذلك، واليوم نحن نعيش طفرة إعلامية قوية تتلاطم كالأمواج من كل اتجاه ونحن فوق تلك الأمواج على مركب صغير تجول بنا تلك الأمواج يمنة ويسرة بل وتدفعها الرياح الشديدة من كل جانب. ولعلي من خلال هذا الطرح الإعلامي أتذكر ما تعلمناه في مجال الإعلام أثناء الدراسة الجامعية. فقد كانت الوسائل التي كنا ننهل منها هذا العلم المشوق هي من خلال الكتب التي تملأ أرفف المكتبة في الجامعة. واليوم وقد توسعت المجالات الإعلامية والقنوات التي تملأ سماء الدنيا عبر اللاقط الذي يأخذ الإشارة من الأقمار الصناعية التي تتزاحم في الفضاء الخارجي ناهيك عن الهاتف المحمول وما يحمله من برامج متطورة وسريعة جداً قد يطول شرحها لتنوعها وكثرتها فهناك ما يسمى (سناب شات) والذي ينقل الحدث في حينه و(اليوتيوب) وهو الذي يحمل المقاطع التلفزيونية ويراها المشاهد متى ما شاء وقد تكون حدثًا بارزًا في جميع وسائل الإعلام ناهيك عن ما يسمى (تويتر) وهو الذي يعبر من خلاله الشخص بكتابات قد تصل إلى مقال طويل وقد يرفق معه بعض الصور والمقاطع القصيرة. من هنا وهو ما أسميه المحك الرئيس في الموضوع الذي سأعرج عليه باختصار. أيها القارئ الكريم لا تجعل هذه الأدوات التي أشرت إليها معولاً في يدك لتهدم بها مجتمعك بل اجعلها أداة لبناء القيم والمثل العليا التي تنهض بها في هذا المجتمع الذي احتضنك ومنّ الله عليك به. فهناك من يتربص ببلادنا من الداخل والخارج وقد يكونون في ظاهرهم أنهم من جلدتنا ولكنهم يمكرون بنا. نعم احذر أخي القارئ من الذين يكتبون بأسماء مستعارة أو برمز تعريف معين ويوهمك أنه من أبناء البلد ولكنه من أعداء هذه البلاد وقد تكون أنت شخصيًا سبباً في إعانته على نشر معلومة كاذبة أو مغلوطة من دون التثبت وليس عن حسن نية لأن النيات هنا تضع الإنسان بين التروي وعدم النشر. فلقد اتضحت للجميع الأحداث التي نمر بها بين حين وآخر وخاصة عند الملمات. ونحمد الله عز وجل أن هيأ لهذه البلاد الحب والألفة والترابط بين الحاكم والمحكوم فكل ما تماسك الشعب في وطنه وتلاحم مع القيادة فلن يتمكن الأعداء من اختراق الجبهة الداخلية، وهذا التماسك الذي نراه - ولله الحمد - لهو يقض مضاجع الأعداء المتربصين بهذا البلد. يقول الشاعر: اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله هكذا يعيش الأعداء والمتربصون كما وصفهم الشاعر فهم يأكلون أنفسهم من الحقد الدفين وهم يرون بلادنا تنعم بالأمن والازدهار. لنحمل جميعاً أداة البناء لا معول الهدم، فننهض بمجتمعنا نهضة قوية متماسكة شامخة كشموخ جبل طويق لا تهزه الريح. متخصص في مجال الإعلام
مشاركة :