وضع العرب دستورا للطبيب، بموجبه لا يجوز أن يمارس الطب إلا من توافرت فيه الأمانة، والخلق والذكاء وحسن الذاكرة والهندام والنظافة وكتمان السر والعفة وسلامة الطوية. أخذوا ما جاء في الطب اليوناني بعد دراسته وتمحيصه، وتركوا ما خالف العلم والتجربة، أضافوا لما قدمه أبقراط، وقاله جالينوس، واهتموا بأسلوب المعيشة والعادات والتقاليد والمواضيع الوراثية وحالة أفراد الأسرة. مارسوا الطب دون إجازة، كانت البيمارستانات أماكن للعلاج ومدارس لتعليم الطب، لم تكن للرازي أو الفارابي شهادات في الطب معترف بها من هيئة البيمارستانات العربية أو الرومية أو ما يعادلها. التاريخ يعيد نفسه والتونسية تفعلها وتحقق إنجازا وتحذو حذو أجدادها العرب، ودون شهادة تعمل لست سنوات بتخصص طب التجميل، وحسب كلامها إنها حصلت على ما يشبه الإجازة «لا يوجد شيء مكتوب أو موثق لدى الهيئات المختصة» من خلال تدريبها على يد طبيب التجميل لمدة ستة أشهر في مجال حقن الفيلر والبوتكس. مارست الطب كاستشارية لأشهر طبيب تجميل، متبجحة بأنه كان يعتمد عليها في تقييم الحالات، وهذا يدل على تفوقها وتميزها، ناهيك عن مؤهلات الفريدة، ليصل بها الحال إلى قدرتها على تقييم حالات العيادة لمعلمها حول الحالات التي تأتي لعيادته، وهل يحتاجون لإجراء عمليات تجميل، أو أن حقن الفيلر والبوتكس كافية. العتب على زميلة المهنة عدم التزامها بأخلاقيات المهنة من إفشاء أسرار المهنة، والطامة الكبرى أن الفضيحة كانت على صفحات الإعلام ولسان حالها «اللي ما يشتري يتفرج» غفرنا لها ممارسة الطب دون إجازة، لكنها لم تغفر لنا الغفلة التي عشناها، وتباهت بغشنا بعد أن أكرمناها ومكناها من جلدنا وبعض جمالنا، لتعبث فيه كيف تشاء دون رادع أو رقيب. وتبقى الأسئلة حائرة: كم بيننا مثل تلك المزيفة؟ وكم أصحاب الشهادات المزورة في الطب وخلافه؟ وما السبيل لكشفهم قبل مغادرتهم الطب أو البلد؟ وربما نسمع بإنجازهم -عفوا بفضائحهم- من خلال مذكراتهم أو تصريحاتهم؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وعلى مبدأ «سكتنا له دخل بحماره» تمادت الطبيبة المزيفة في لحضه هذيان واضطراب قدراتها العقلية وتشويش تفكيرها وغياب وعيها، ورددت ضاحكة: إن إجراءات الصحة ليست مشددة في مجال التجميل في العديد من الدول العربية ومنها السعودية «إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
مشاركة :