طبيبان يكتبان لـCNN: شاهدنا الأطراف المبتورة والجثث المقطوعة الرأس ونريد إنهاء جحيم أطفال سوريا

  • 9/8/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

مقال للدكتور سامر عطار، جراح العظام في جامعة نورث وسترن الأمريكية ذهب في مهمات جراحية لحلب بسوريا. والدكتور زاهر سحلول، رئيس سابق للجمعية السورية الأمريكية الطبية، المجموعة غير الربحية التي تمثل أكثر من خمسة آلاف طبيب أمريكي سوري الأصل. المقال يعبر عن وجهة نظرهما ولا يعكس بالضرورة رأيCNN . نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- طُلبمن طفل في حلب بسوريا رسم صورة في المدرسة. رسم عالما تلفحه ألسنة النيران: مروحيات حربية تُسقِط القنابل، ومنزلا يتحول إلى ركام. رسم نفسه، يبكي على ركبتيه، حوله أصدقاؤه – قتلى، مشرّحين، مقطوعي الرؤوس، ينزفون. هذا هو الواقع المفجع الذي غالبا ما نشهده كأطباء عاملين بالمستشفيات الميدانية السورية – أطفال في جميع أركان الدولة يعيشون في الجحيم. لقد حان الوقت للتصرف إذا أردنا منع تكرار مثل هذه المشاهد الأليمة في المستقبل. كل يوم كنا فيه بسوريا، رأينا الأبرياء يعانون ويموتون تحت ظروف ساحقة. في أسوأ أيام القصف والغارات الجوية، لم يكن هناك ما يكفي من أسرّة المستشفيات لاستيعاب المصابين. في الواقع، كان هناك في بعض الأحيان عدد كبير للغاية من المرضى ملقون على الأرض لدرجة عدم استطاعتك أخذ خطوة في المشفى. شهدنا الأطفال مصابين في رؤوسهم برصاص القناصة. وحتى الأمهات الحوامل لم يكنّ بمنأى عن الطلق الناري. شهدنا الأطفال محترقين ومشوّهين ومقطعين بقنابل البرميل وانفجارات قذائف الهاون. ما زلنا نتذكر رؤية كل إصابات الرأس - انشطار الجلد بسبب الشظايا والضمادات المختلطة بأنسجة المخ. أولئك الأطفال كانوا محكومين بالموت. في إحدى الليالي، انتشل عمال الإنقاذ طفلين من تحت الأنقاض بعد غارة جوية. كان أحدهما مغطى بالدم والغبار. كان يبكي طلبا لوالدته. أدخل الأطباء أنبوبا في رئته لاسترواح صدره، وتمكنوا من إنقاذ حياته. ولكن لم يستعد الآخر وعيه أبدا. كانت جروحه المفتوحة لا تزال تنزف، لذا غُطي بكفن أبيض لإخفاء جثته التي مزقتها الشظايا. لم يكن أحد يعرف اسمه، ولم تأت أي أسرة للبحث عنه. ومع مرور الوقت، أصبح القماش الأبيض غارقا بالدماء. وأُخذ في نهاية المطاف ليُدفن - طفل سوري آخر – منسي وغير مرئي. كل هذه الأهوال تمثل الوضع الطبيعي الجديد للأطباء والممرضين السوريين. أصبح كل الذين التقينا بهم معتادين على المذابح والمجازر وتقبلوها كجزء روتيني من حياتهم اليومية. أحدث الضربات الجوية الأخيرة على بلدة دوما في ريف دمشق، تسلط الضوء على الهجمات المستهدفة المروعة التي تشنها الحكومة السورية على الأحياء السكنية والمدارس والأسواق في جميع أنحاء البلاد. هجمات ذلك اليوم أدت إلى مقتل أكثر من مائة شخص، بينهم العديد من النساء والأطفال. وجرح مئات آخرين. وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة على بعد عشرة أميال فقط من دوما في بعثة للتحقيق في الاحتياجات الإنسانية هناك عندما وقعت هذه الهجمات. هذه الفظائع تحدث تحت مراقبة المسؤولين الدوليين، لكن دون مساءلة حقيقية، ليست هناك نهاية في الأفق مع استمرار الهجمات التي تدمر حياة المدنيين السوريين. بعد أربع سنوات من التقاعس عن العمل، يستحق الشعب السوري أفضل من ذلك، ويحتاج العاملون في المجال الطبي وعمّال الإغاثة الذين يحاولون مساعدة الشعب إلى الحماية. دعت قرارات مجلس الأمن الدولي 2139 و2165 و2191 لهذه الحماية، وطالبت بالمزيد من الموارد لوكالات المعونة. لكن لم تنجز هذه القرارات حتى الآن سوى القليل وتمثل فشل مجلس الأمن بتنفيذ إجراءات مجدية في سوريا. ما الذي يمكن عمله؟ إحدى طرق تنفيذ هذه القرارات هي تحديد مناطق آمنة يُمنع قصفها في شمال وجنوب سوريا، وسيكون هذا على الأقل خطوة أولى جيدة. صحيح أنها ليست فكرة جديدة، وبالتأكيد لن تُنهي الحرب. ومع ذلك، بوسعها على الأقل تخفيف بعض المعاناة وإنقاذ الأرواح. لن تكون المدارس والمستشفيات والمخابز في هذه المناطق مهددة من قبل الغارات الجوية الحكومية. وهذا من شأنه المساعدة في وقف تدفق اللاجئين إلى الخارج والسماح للمدنيين المشردين بالعودة إلى بلادهم بالإضافة إلى الحصول على الغذاء والماء واللقاحات. وفي الوقت نفسه، ينبغي للأمم المتحدة الضغط على الحكومة السورية لوقف الغارات الجوية على المدنيين وتذليل العقبات التي تعيق الخدمات الإنسانية. العديد من الأطراف المسلحة في هذا الصراع استهدفت المدنيين بالأسلحة التقليدية في مرحلة ما من الوقت. لكن ضربات الحكومة السورية الجوية والعقبات التي أنشأوها كانت مدمرة بشكل خاص، حيث أسفرت عن مقتل الآلاف ودفعت آلافا آخرين إلى الفرار من منازلهم. أعضاء الجمعية السورية الأمريكية الطبية، الذين يدعمون المستشفيات الميدانية ويتواصلون مع المسعفين تحت القصف، عاشوا هذه الفظائع لفترات طويلة من الزمن، وشهدوا على هذا الكابوس المتكرر لمدة أربع سنوات. يرون مروحيات تُسقط القنابل، التي تبتر الأطراف الممزقة. يرون الرُضّع يموتون بسبب سوء التغذية والأمراض التي من السهل علاجها. إنهم ينعشون المدنيين الذين خنقتهم الأسلحة الكيميائية وأرغت أفواههم. إن السوريين العاديين هم من غير شك أفضل أمل لإعادة بناء البلد بعد هذه الفظائع ولمكافحة التطرف. ولكن عليهم العودة إلى ديارهم أولا لبدء هذه العملية، تحتاج الأسر السورية للتحرر من الخوف من فقدان أطراف أبنائها تحت القصف، أو الاختناق جراء غاز الكلورين، أو الموت من البرد والجوع والمرض بسبب الحواجز العسكرية. أطفال سوريا يستحقون أن يكونوا آمنين، إنهم يحتاجون إلى الحماية التي توفرها المناطق المحظور قصفها. نأمل أن نرى يوما رسومات هؤلاء الأطفال تظهر فيها السماء الزرقاء والمنازل الآمنة، وليس الكابوس الذي ينزل فيه الجحيم من السماء.

مشاركة :