قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهوية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن رسول الله ﷺ تركنا وقد علَّمَ العالَمين إلى يوم الدين، ذلك الإناء الذي نضع فيه العبادة وعِمارة الأرض وتزكية النفس، علَّمه للعارِف والجاهل، ويستجيبُ به الدعاء، وتتنزَّل من السماء الرَّحَمَات ويَدْفَعُ عنَّا البلاء، إنه الصلاة.وأوضح جمعة عبر صفحته على الفيسبوك: الصلاة التي يُصليها المسلم في اليوم لله وحده خَمْس مرات، لا يوجد دين في الأرض، ولا مذهب تربوي أو فلسفي أو أخلاقي يَفْرِضُ على أتباعه جميعًا في حالة حَضَرِهم وسَفَرِهم، في حالة صحتهم ومرضهم، في حالة راحتهم وإجهادهم، في ليلهم ونارهم وصُبْحِهم ومِسائهم، على حال الرُّجولة والأنوثة فيهم، صلوات خمسة كل يوم في الأرض جميعًا.وأضاف: ليس هناك مَن تمتَّع بهذه المَزِيَّة ونال هذا الفضل سِوى المسلمين، فالحمد لله الذي جعلنا من المسلمين، ومَنَّ علينا أن نُخاطبه وأن نتصل به وأن ندعوه وأن نستغفره وأن نستهديه خَمس مرات في اليوم، نعمة عظيمة لا يعرفها كثير منَّا وهو يمارسها. نعمة عظيمة لا يلتفت إليها كثير منا من إِلْفِه، فالإِلْف يتحوَّل في بعض الأحيان إلى عادة ويَخْرُج من مفهوم العبادة، ونحن نريد دائمًا أن نتذكَّر وأن نُذَكِّر {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.وتابع: نتذاكَر تعظيم شأن الصلاة التي تركها كثير من الناس، أو استهان بها، أو أخَّر أولوياتها ففاته خير كثير،{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} وليَعُد ذلك الذي ابتعد عن الصلاة إلى الصلاة، وليتمسَّك مَن تمسَّك بها ويجعلها تدعوه إلى أن يترك الفحشاء والمنكر؛ لأن هذه هي خَصِيصة الصلاة {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.وأكمل: ارجعوا إلى الصلاة، فإن النبي ﷺ كان إذا حَزَبَهُ الأمر فَزِعَ إلى الصلاة، ضاق به الأمر، نَزَلَت مُلِمَّة، مصيبة، كارثة، أزمة- رأيناه يُسرع إلى الصلاة، كأن الصلاة تُفَرِّج عن قلبه الشريف ﷺ ، وكيف لا وهي مَهبَط الرحمات ومَنزِل الأنوار وكَشف الأسرار. كان إذا حزبه الأمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول لسيدنا بلال: «أرحنا بها يا بلال» كان يشعر في الصلاة بالراحة، بالسكينة، بالجمال، بالاتصال، بالوصال، بالحضور في الحضرة القدسية الإلهية الربانية، جاءه رجل وقال: يا رسول الله ادع الله أن أرافقك في الجنة، قال: «أَوَغير هذا؟»، -أليس لك طلب سِوى هذا، المرافقة في الجنة، مرافقة سيدنا المصطفى والحبيب المجتبى في الفردوس الأعلى، في الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، الطمع في وجه الله جائز - قال: إلَّا هذا يا رسول الله. فقال: «إذن أعني على نفسك بكثرة السجود» ولذلك تراه ﷺ شرع لنا الصلاة سبع عشرة ركعة في اليوم، في خمس صلوات، وهي خمس وهي عند الله خمسون، لأن الحسنة بعشر أمثالها، ويزيدُ الله مَن يشاء إلى أضعاف كثيرة لا نهاية لها.ووجه علي جمعة رسالة للجميع: إذا لم تكونوا تصلون فصَلُّوا، من غير فلسفة ولَفٍّ وخداع، صَلُّوا فإن الصلاة ركن من أركان الدين، بل هي عمود الدين، وذروة سنامه، والعمود هو الذي تقوم به الخيمة، فإذا قام قام الدين، وإذا هُدِمَ هُدِمَ الدين.
مشاركة :