ألا يكفي أنها صحراء قاحلة؟

  • 9/9/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تقول العرب في المثل الشهير "أَحَشَفًَا وَسُوْءَ كِيلة؟" "الحشف" هو التمر الرديء.. وأصل هذا المثل، لمن بدأ يغزوه "الزهايمر"، أن رجلا اشترى من رجل آخر تمرا ليأكله، فأعطاه "حَشَفًا"، وأساءَ له في الكَيْل.. فقال له باستغراب: "أحشفًا وسوءَ كيلة"! - قبل أيام سافرت نهارا، بالسيارة، بين عدد من مناطق بلادنا الشمالية والشرقية.. كنت أتأمل جانبي الطريق.. كانت صحراء قاحلة قاتلة.. لا حياة فيها أبدا.. رمال ملتهبة متحركة.. قيظ لاهب.. ليس هناك أي كائن ينبض بالحياة.. حتى "الضب" ليس له أثر.. كنت أطوف بذاكرتي على الطرقات في بعض الدول الأوروبية والآسيوية.. وحين تعجز الذاكرة، أتأمل بعض المقاطع الحية التي يرسلها لنا بعض الأصدقاء من هناك.. وأستيقظ عند أول حفرة على واقع بيئي مؤلم عن يميني وعن شمالي! - ليست هنا الحكاية على أي حال، فهذه أقدارنا، وهذه بلادنا، ولو عشنا على ضفاف "التايمز" لجذبنا الشوق والحنين نحو هذه الصحراء الموحشة! - ما كان يلفت النظر هو العبث الشديد بالمساحات الممتدة التي تجاور الطريق.. جناية كبيرة ترتكب بحق الأرض.. إن لم تشاهد الحفر يمينك، ستشاهد أكوام المخلفات التي تتركها مؤسسات إنشاء الطرق يسارك! - لا يكفي أنها صحراء قاحلة لا حياة فيها، ومع ذلك تطالها يد العبث والتدمير والتشويه! - وعلى الرغم من الفساد المستشري في كثير من دول العالم، إلا أن أحدا لا يجرؤ مهما كان على الاعتداء على البيئة.. البيئة ملك للناس كلهم.. ثروة قومية يشترك الجميع في ملكيتها.. ملك للفقراء قبل الأغنياء. - تدمير البيئة تدمير لما تبقى من حياة الناس.. حماية البيئة واجب وطني.. حينما تفكر في الشكوى لا تعلم لمن.. كل الجهات يمكن الشكوى إليها ويؤمل تجاوبها إلا الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة! - صمت عجيب.. فإما أن موظفي هذه الجهة الغامضة مجهولة المكان، لا يسافرون نهارا، وبالتالي لا يتمكنون من رؤية حالة البيئة من حولنا.. أو أنهم يسافرون بالطائرة.. أو -وأعوذ بالله من سوء الظن- أنهم هم المستثمرون الذين يمتلكون هذه المؤسسات التي تعبث بالبيئة! - حاولت أن أجد لصمتهم عذرا فلم أجد.. لعل لهم عذرا لا نعرفه!

مشاركة :