أكد مختصون في الشأن الاقتصادي، أن القطاع العقاري أحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، ومن أهم القطاعات التي تعنى بها الحكومة لمعالجة أزمة الإسكان من خلال تأطيره بالأنظمة، كان من بينها موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، وهذا يعكس اهتمام القيادة بتطوير القطاع العقاري باعتباره إحدى ركائز الاقتصاد الوطني، وحرصها على تنظيمه وتنميته وتحسين آليات الإشراف عليه، ورفع كفاءته وتشجيع الاستثمار فيه، وتمكينه من زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث، نوه بالأرقام التي أعلنها البنك السعودي المركزي "ساما" بشأن القروض العقارية للأفراد، مبينًا أن الارتفاع الملحوظ في حجم القروض العقارية زاد من نشاط الحركة في قطاع مواد البناء، موضحًا أن زيادة حجم القروض يدل بوضوح على توجه البنوك بما في ذلك العملاء إلى تمويل الأصول كالوحدات السكنية والعقارية على حساب التوسع في القروض الاستهلاكية، مشيرًا إلى أن توجه البنوك سيسهم في تحقيق أهداف ضوابط التمويل المسؤول من جهة، ولكنه في الوقت ذاته يدعم العملية الإسكانية في المملكة وطموح رؤية المملكة 2030 بوصول نسبة تملك المواطنين إلى 70 % بحلول العام 2030. ونوه إلى أن تجاوز أعداد الأسر المستفيدة من القرض العقاري المدعوم لخيار البناء الذاتي ضمن برنامج "سكني" خلال شهر يناير الماضي 8 آلاف أسرة، وتمكين من يملكون أراضي من بناء وحداتهم السكنية وفقًا لرغباتهم، مبينًا أن ذلك ساهم بشكل إيجابي في نشاط قطاع مواد البناء، معتبرًا مواد البناء من أهم العوامل المؤثرة على أسعار العقارات بشكل مباشر، وأحياناً يكون تأثيرها قليلاً مقارنةً بالعوامل الأخرى، إذ تسجل أسواق مواد البناء تقلبات كبيرة خلال فترات متفاوتة، ما يؤدي أحياناً إلى قلة الطلب عليها وركود القطاع لفترة من الزمن، وسبباً في ارتفاع الأسعار عند البيع. وأكد أن سوق الاستثمار العقاري السعودي محط أنظار العديد من المستثمرين، لما يحققه من مستويات متزايدة وملحوظة في النمو ومعدلات الربح العائدة منه التي قد تفوق التوقعات في معظم الأحيان، ولجعل عملية الاستثمار منظمة وفقاً لأسس ومعايير واضحة، توجهت المملكة إلى تنظيم قوانين الملكية العقارية لغير السعوديين، وسنت قوانين وشروط تملك الأجانب في السعودية للعقار، وهذا يساعد على زيادة الاستثمار الأجنبي في قطاع العقار. وأوضح المغلوث، أن القطاع العقاري يحتل المرتبة الخامسة من حيث الأهمية النسبية في الاقتصاد السعودي، بعد الخدمات الحكومية والنفط والصناعة والتجارة، وكان تأثير إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة جائحة "كورونا" محدودا، حيث انكمش بنحو 1.1 %، في الوقت الذي كان انكماش الاقتصاد ككل وصل إلى 7 % وفق البيانات الرسمية، مؤكدًا أن هذه المكانة الاقتصادية المتقدمة للقطاع العقاري ليست مستغربة، فأي نشاط اقتصادي سينتهي إلى تأثير مكاني، حتى من يعملون "عن بعد" بحاجة إلى مكان حتى يعملوا من خلاله بعيدا عن المكتب. من جهته أكد المستشار الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز إسماعيل داغستاني، أن التوسع في البناء يسهم في دفع القطاع العقاري، وهذا بدوره يسهم في دفع القطاعات المساندة مادياً ولوجستياً، وذلك كله يدعم ويحرك مفاصل القطاع الخاص، لكن المهم مراعاة زيادة جرعات المحتوى المحلي الوطني، فهو معيار تحقيق القيمة المضافة وأهميتها في استحقاقات أي عملية استثمارية، وهنا يأتي دور الأجهزة الحكومية ذات الصلة تشريعياً وتنفيذياً. وبين داغستاني، أن التوسع في القطاع العقاري يدعم أعمال وربحية الشركات الوطنية العاملة في مواد البناء، ويسهم في توسيع أعمالها ويضيف إلى قدرتها على التوظيف، موضحًا أن برامج الإقراض العقاري الحكومية لها الدور الأكبر في نهضة القطاع العقاري عموماً، لكن هذا لا يعني عدم أهمية أو ضرورة أن تساند البنوك التجارية دور البرامج الحكومية، فهي مطالبة بتقديم برامج تمويل ميسرة تكون متناسقة مع فئات الطلب المتفاوتة في المجتمع. وعن الاستثمار العقاري أكد داغستاني، أنه يمكن أن يكون الاستثمار في القطاع العقاري مجالاً خصباً لجذب الاستثمارات الأجنبية إذا قدمت الجهات ذات الصلة فرص جيدة للمطورين العقاريين من خارج المملكة، وأعتقد أن ملامح التغير التي تطال كل مفاصل الاقتصاد والمجتمع حالياً قد تشكل قاعدة صلبة للبناء عليها وخلق مثل هذا التنوع في الفرص الاستثمارية. عبدالله المغلوث عبدالعزيز إسماعيل داغستاني
مشاركة :