تتباين مستويات الاستجابة وردة الفعل لدى الأسواق العقارية مقابل حزمة التأثيرات الايجابية والسلبية التي يتسارع تتابعها يوما بعد يوم لدى أسواق المنطقة، وتزداد حدة التباين وقوته كلما كانت التطورات المسجلة على علاقة مباشرة بالقطاعات الاقتصادية الرئيسية وفي مقدمتها قطاع الطاقة والقطاع العقاري بكل مدخلاته ومخرجاته، وبات جلياً حجم التأثير الواقع على تلك القطاعات من جراء انخفاض أسعار النفط التي تلعب دورا رئيسيا في رفع حجم الوفورات المالية المتداولة والمخصصة لمشاريع التنمية تارة والباحثة عن الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل تارة أخرى. وأشار التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا إلى أهمية التراجع المسجل على أسعار النفط على الكلف الاجمالية والتفصيلية لقطاع البناء والتشييد واسعار المنتجات العقارية من كافة الفئات والاحجام والمواقع. ويحتل التوقيت لانخفاض أسعار المواد الخام وأسعار مواد البناء أهمية كبيرة في قدرة المطورين على الانجاز والتسليم في الوقت المحدد وفقا للمقاييس المعتمدة، بالإضافة إلى الآثار الايجابية لذلك على كلف التشغيل الاجمالية والعوائد التشغيلية المحققة التي تجعلها قادرة على الدخول في تنفيذ المزيد من المشاريع ضمن هذا الاتجاه. ويعتبر السوق العقاري على مستوى الاقليم والمنطقة أكثر المستفيدين من تراجع أسعار مواد البناء من الناحية النظرية على أقل تقدير مع تأكيدنا على أن التراجع لابد أن يحصل، وأن التأثيرات الايجابية لابد لها من الظهور في الوقت الحالي أو في الفترة القصيرة القادمة. ويرجح تقرير المزايا أن تظهر الاسواق العقارية التي تسجل ركوداً نسبياً أو تراجعا على وتيرة الطلب، تجاوبا أقل من تراجع أسعار مواد البناء أو تراجع على أسعار مواد البناء نفسها، فيما سيكون الحال أفضل لدى الاسواق والدول التي لا يزال القطاع العقاري يشهد المزيد من المشاريع ومستوى مرتفعا من الطلب على المنتجات العقارية من قبل المستثمرين والمستخدم النهائي. الأردن ويقول تقرير المزايا ان السوق العقاري الأردني من أكثر الأسواق العقارية ارتباطاً بآليات العرض والطلب والاسعار العادلة إلى حد كبير نظرا لوجود طلب من قبل المستخدم النهائي بشكل دائم، رغم تأثره سلبا بالتطورات التي تسجلها الانظمة المالية والاقتصادية للدول النفطية في كافة الظروف، وتشير البيانات والمؤشرات المتداولة لدى السوق العقاري في المملكة الى أن كلف مواد البناء والانشاء لا زالت مرتفعة على الرغم من انخفاض أسعار المشتقات النفطية بشكل ملموس منذ ما يزيد على العام، مع الاخذ بعين الاعتبار أن الجهات الحكومية كانت قد قامت مؤخرا بإجراء تخفيض إضافي على أسعار المشتقات النفطية الاساسية، شملت اسطوانات الغاز والكاز والسولار والبنزين وبنسب مختلفة، وتشير مسارات السوق إلى أن أسعار مواد البناء ترتبط بعلاقة طردية في حال ارتفعت أسعار الطاقة، ومحايدة إذا ما شهدت الاسعار انخفاضا طفيفا أو حادا، وهذا يعني أن السوق يعاني من تدني الكفاءة السعرية وحالة ضعف على الرقابة السعرية أيضا، وتأتي أهمية الاسعار السائدة لمواد البناء من الاسمنت والباطون الجاهز والحديد والحجر، كونها تستحوذ على ما يزيد على 40% من كلف البناء الاجمالية، الامر الذي يدفع باتجاه رفع الاسعار السائدة على الوحدات السكنية إلى مستويات لا تتناسب ومستوى الدخل لشريحة كبيرة من المواطنين، الامر الذي من شأنه أن يعزز اتجاهات الركود، ويعول المستثمرون على الخطط والاجراءات الحكومية الاخيرة في تحفيز وتيرة النشاط. الإمارات وأكد تقرير المزايا أن الكثير من المؤشرات والمسارات غير المحددة يتخذها قطاع الانشاءات لدى الإمارات، حيث يظهر القطاع حراكا نشطا تارة ووتيرة أقل على عدد نوع وحجم المشاريع تارة أخرى، فيما تشهد التوجهات والخطط الحكومية مسارا أكثر وضوحا من خطط وتوجهات القطاع الخاص، في المقابل فإن ما يجعل السوق العقاري أكثر جاذبية لدى الدولة وجود طلب حقيقي ومتواصل من قبل مستثمرين خارجيين وتزايد عدد السكان والمقيمين، وبالتالي قدرة أكبر للسوق على عكس كافة التطورات الحاصلة على القطاع النفطي وغير النفطي على كافة أسعار السلع والمنتجات، هذا واظهرت الاحصاءات الرسمية في إمارة أبوظبي أن أسعار 13 مجموعة من مجموعات مواد البناء قد سجلت انخفاضا على أسعارها خلال يونيو من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام 2014، تراوحت بين 4% و17% على مختلف المواد التي تم تداولها، مع الاخذ بعين الاعتبار أن أسعار الحديد قد شهدت ارتفاعات وصلت في المتوسط إلى 7%، فيما ارتفعت أجور العمالة بنسبة وصلت إلى 8.6% خلال الفترة نفسها. إمارة دبي في المقابل فقد تباين مؤشر أسعار مواد البناء في إمارة دبي بنسب مختلفة خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، واظهر المؤشر ارتفاعا على أسعار الاسمنت العادي بنسب لم تتجاوز 2%. فيما انخفضت أسعار الجبس بنسبة وصلت إلى 3.5%، وسجلت مجموعة البحص والرمل ارتفاعا بنسبة وصلت إلى 5.5%، فيما ارتفعت أسعار الخرسانة الجاهزة بنسبة تجاوزت 3%، وسجلت مجموعة الحديد ضمن هذه المجموعة تراجعا بنسبة وصلت إلى 12.3%. ويعود التباين الحاصل على الاسعار إلى اختلافات كبيرة على مراحل ونسب الانجاز على المشاريع القائمة، إضافة إلى عدد المشاريع الجديدة التي بدأ العمل بها بشكل فعلي. وختم تقرير المزايا بالتأكيد على أهمية استقرار أسواق مواد البناء والدفع باتجاه تحسين مرونتها وانسجامها مع كافة الأحداث والتطورات المالية والاقتصادية العالمية، وضرورة تفاعلها بشكل إيجابي وتام مع الارتفاع والانخفاض على أسعار مدخلات ومخرجات الإنتاج وبشكل خاص الانخفاض المسجل على أسعار النفط، فيما سيكون لضبط ورقابة ومتابعة أسواق مواد البناء أهمية في الوصول إلى الأسعار العادلة بظروف الانتعاش والنمو وظروف التراجع والركود أيضاً. تراجع أسعار المواد الخام عالمياً أشار تقرير المزايا إلى أن أسعار مواد البناء لدى السوق المصري قد سجلت تباينات حادة وسجلت انخفاضات ملموسة خلال الفترة الاخيرة، ويعود هذا الاتجاه إلى حالة الركود المسيطرة على السوق العالمية وتراجع أسعار المواد الخام عالمياً. في المقابل فقد ألقت العلاقة المضطربة بين تحركات أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري بظلالها على نطاق التذبذب وعدم الاستقرار على أسعار مواد البناء، فيما يحذر خبراء السوق من التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الدولار على قطاع البناء والتشييد، في حين يساهم اتباع الحكومة سياسة تحرير سعر الصرف إلى خلق فروق أسعار مرتفعة على مواد البناء والخامات التي يتم استيرادها من الخارج. يذكر أن السوق العقاري يشهد المزيد من مشروعات التنمية في الوقت الحالي، وبالتالي لا مجال للحديث عن حدوث أية تغيرات أو زيادات مفاجئة على أسعار الخامات ومواد البناء والتي من شأنها أن تهدد إنجاز تلك المشاريع وتسليمها ضمن جداول التسليم المتفق عليها. استقرار السوق يؤكد تقرير المزايا على أهمية استقرار سوق مواد البناء لدى السعودية خلال الفترة الحالية والقادمة، نظراً لما يشكله ذلك من ضبط قيم الكلف الاجمالي التي يتحملها المواطن السعودي، إضافة إلى أهمية ذلك للمستثمرين في قطاع صناعة مواد البناء وهو قطاع كبير، وبالتالي فإن استقرار السوق عند قيم عادلة مستقرة مطلب رئيسي لكافة أطراف المعادلة، في المقابل فقد أظهر الحراك لدى السوق حالة من الركود في الطلب على حديد البناء، حيث يظهر الطلب انخفاضا خلال الفترة الحالية من كل عام بسبب سفر غالبية المسؤولين ورجال الاعمال، الامر الذي يدفع باتجاه تراجع وتيرة النشاط العمراني، مع التأكيد على أن أسعار الحديد استحوذت على أهمية كبيرة في السوق السعودي خلال الفترة الماضية نتيجة تنفيذ مشاريع حكومية ذات ابعاد تنموية طويلة الأجل، الأمر الذي يسهم في إضافة المزيد من الارتفاعات على أسعار الحديد واللجوء إلى الاستيراد من الخارج عبر اتفاقيات مع عدد من الشركات والمصانع لتلبية احتياجات السوق من الحديد والسيطرة على الاسعار. ومع اعتماد المملكة على مبادئ الاقتصاد الحر فقد بات ملاحظا أن أسعار مواد البناء ترتبط بآليات العرض والطلب، والجدير ذكره هنا انه وفقاً للتقارير الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتخطيط فان أغلبية أسعار المواد الانشائية قد شهدت انخفاضا خلال العام 2014، بقيادة أسعار الحديد التي كانت الاكثر انخفاضاً، وتتأثر أسعار مواد البناء في المملكة في غالب الاحيان بأسعار الشحن وأسعار العمالة الوافدة والجمارك وارتفاع أسعار إيجار المحلات والمستودعات.
مشاركة :