الإمارات والكويت.. جذور أصيلة وتراث مشترك

  • 2/25/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

للعلاقات الثقافيّة بين الإمارات والكويت مذاقٌ خاصٌّ، فالتراث واحدٌ والتواصل بينهما يجري بثقةٍ ودأب استناداً إلى تاريخ المنطقة الواحدة ومفردات الثقافة المتكاملة. وينبع هذا الشعور الأخوي والانسجام التّام بين البلدين من مظلّة سياسيّة واعية تدرك هذه الأبعاد الثقافية والتراثيّة وتعمل على ازدهارها مؤسسيّاً وتبادلاً مهرجانيّاً وأيّاماً ثقافيّةً وندوات مشتركة وقراءات تبحث في البدايات ومشوار الطموح والانطلاق نحو المستقبل وتعزيز هذه العلاقات التي تندرج ضمنها آفاق من التعاون المشترك والمثمر اقتصاديّاً وتجاريّاً وفي كلّ المجالات. ريادة إعلامية تبرز الحواضن الثقافيّة التقليدية في الصحافة والإذاعة والتلفزيون في التأسيس للتعاون القديم بين الكويت والإمارات، خصوصاً، أنّ الكويت لها ريادة في هذا المجال، مثل مجلة «العربي» الرائدة الحاضرة دائماً لدى المثقف الإماراتي، وحيث بدايات تأسيس البث التجريبي لتلفزيون الكويت من دبي نهاية الستينيات من القرن الماضي. واليوم تتأكّد هذه العلاقة الثقافية والمعرفيّة والإبداعيّة من خلال التنسيق التّام بين المؤسسات الثقافية الكويتيّة، وعلى رأسها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ووزارة الثقافة والمؤسسات والهيئات الثقافية الناشطة والفاعلة في الإمارات. فنون بصرية يدرك الفنانون الكويتيّون ما للإمارات من بيئة جاذبة للفن التشكيلي وغيره من الفنون البصريّة من خلال وجود الإبداع الكويتي القديم والرائد على مستوى منطقة الخليج في المعارض التشكيليّة والمهرجانات المتخصصة، مثل مهرجان الفنون الإسلاميّة في الشارقة، وغيره من المهرجانات، حيث تُقدّم البصمة الفنيّة الاحترافيّة الكويتيّة وسط حضور عربي وعالمي مميز في هذا المهرجان وغيره من المهرجانات ذات العلاقة. وينسحب الفن أيضاً على حضور الدراما الكويتيّة لدى الذائقة الإماراتيّة، بسبب اللهجة المتقاربة بخصوصيّات معيّنة، وللقيم والأفكار التي تحملها هذه الأعمال من رسائل إنسانيّة مميزة. ويستعيد باحثون ومؤرخون في التراث الإماراتي العلاقة الوطيدة بين الكويت والإمارات ثقافيّاً، كما في قراءة الباحث والأديب بلال البدور في كتابه «الجذور التاريخيّة للعلاقات الثقافيّة بين الإمارات والكويت»، التي يقف فيها على أوجه هذه العلاقة القديمة وبواكيرها، باسطاً في كتابه القيّم ما بثّته الكويت من تعليم وثقافة في الإمارات، والإعجاب بالنموذج الكويتي الرائد في التكامل العربي ثقافياً، كما في رحلات شعراء إماراتيين بعد مرحلة كساد تجارة اللؤلؤ واشتغالهم في الكويت، وبثّهم لواعج الحنين والشوق الذي نقرأه في سير أولئك الشعراء الروّاد اليوم، ومنهم الشّاعر الكبير سالم الجمري كرائد مهم من روّاد القصيدة النبطيّة في الإمارات. مفردات ثقافية تسهم البنية الثقافيّة في رفد المخرج الإبداعي الكويتي والإماراتي في الشّعر والقصّة والرواية والفنون المشتركة وإصدارات الكتب وفي كلّ التظاهرات الفكريّة والمؤتمرات والبحوث والاشتغالات اللغوية واللهجيّة التي تقرأ الجذور وتستعيد أكثر من ستّ عقود بنى مداميكها الأولى المغفور لهما، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ جابر الأحمد الصباح، طيب الله ثراهما، لتستمرّ الرؤى وتلتقي المشاعر تجاه المستجدّ من الأحداث على صعيد المنطقة والإقليم والعالم. ويحمل الشّعر، كمفردة إبداعيّة رائجة بين البلدين، هذا الهدف بأجمل صور التعبير والفرح بالمنجزات الوطنيّة، ففي مهرجان الشّارقة للشعر النبطي مثلاً وخلال أمسيات بيت الشّعر في دبي، وغيرهما من الاستضافات المنتظمة في كلّ مؤسسات الدولة ومهرجاناتها وأمسياتها، تبرز مكانة الشعر الكويتي على المنصة الإماراتيّة وسط تفاعل ومشاركة في تعزيز الرؤية السياسيّة والوطنية، ومثل ذلك مهرجانات المسرح، كما في مهرجان أيّام الشارقة المسرحيّة ومهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، وفي كلّ المنابر الإبداعيّة في الإمارات الأخرى. ويتجلّى هذا الإبداع في حضور الأدب الكويتي في الكتابة السّردية بين أيدي القرّاء الإماراتيين، وتحقيق فوز إبداعي في جوائز الكتاب العربي في الإمارات، كما في فوز الكاتب الكويتي عبدالله البصيص في عام 2017 بجائزة أفضل كتاب عربي في مجال الرواية عن روايته «طعم الذّئب» في سياق الدورة السادسة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وكون الروائي الكويتي طالب الرفاعي رئيساً للجنة تحكيم جائزة البوكر العربية الإماراتيّة في دورتها الثالثة عام 2010، والأمثلة كثيرة على منصّات إبداعيّة كويتيّة في الشّعر الفصيح تحظى بمتابعة إماراتيّة، كما في عناوين لافتة تحمل إيمان الشعراء برؤية بلديهم، مثل عنوان «كويت السلام- إمارات الوفاء» كأمسية استضافتها هيئة دبي للثقافة، وغيرها مما يتكرر دائماً ويعبّر عن الروح الواحدة والقويّة بين الشعبين الإماراتي والكويتي. وتبرز الفنون الفلكلوريّة في حمل الجانب المشترك لمنطقة واحدة، سواء في كلمات الأغاني ذات المنبع الإنساني الواحد ومعانقة البحر والبيئات الشعريّة المتشابهة إلى حدٍّ كبير والجانب التعبيري في الرقصات والأهازيج والفنون البحريّة والنبطيّة.

مشاركة :