تجمع دولة الإمارات العربيّة المتحدة ومملكة البحرين الشقيقة هوية خليجيّة عربيّة واحدة، فهما تنتميان إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتنهلان من الموروث الثقافي ذاته تقريباً؛ ولذلك فإن كلّ ما يتأسس على ذلك من رؤية القيادتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين، يعكس بالتأكيد هذا الانسجام والفهم المشترك لمشروع ثقافي اجتماعي تعمل الدولتان على تأكيده من خلال العمل المشترك، والتبادل الثقافي الفاعل والمستمر. الشراكة الأخوية وأظهرت الظروف الإقليمية والدولية ومتغيرات جوهريّة حدثت في العالم، قوة هذه العلاقة الوطيدة الأركان، فكان الوعي والتعاون والتضامن وتعميق التنسيق وتقوية الشراكة كلها تؤكد أنّ الجغرافيا الواحدة والأواصر الثقافيّة الأصيلة والتراث العريق بينهما هو فاتحة وأساس كلّ تقدّم وعنصر نجاح لكلّ تعاون أو بروتوكول ثقافي، والشواهد على ذلك كثيرة وواضحة ولا تحتاج إلى تبيان. فالتعاون بين البلدين، ينساب بكلّ أريحيّة في قنوات التميز الثقافي الذي يحققانه، ومباركة ودعم كلّ طرف لما يحققه الآخر، إن كان في احتفاليّات لقب عاصمة الثقافة العربية الذي فازت به الشارقة والمنامة أو احتفاليات التتويج الأخرى، أو في تواقيع الكتب وحضور الكتاب البحريني بقوة على منصّة معارض الكتب الإماراتية أو في الحضور الفاعل للأديب والفنان الإماراتي في البحرين أو العكس، من خلال نافذة التراث وأصالته والشعور دائماً بالموقف الواحد والعمل سوياً لصالح الشعبين والأمة العربية والإسلامية والإنسانيّة بشكل عام. الامتداد التراثي وتشترك الإمارات والبحرين في موضوع التراث بدرجة كبيرة، من خلال العمق الثقافي لمنطقة الخليج العربي في أشكال وأدوات التعبير الثقافي الغنائي أو الموسيقي التقليدي أو في الحرف اليدوية ومنتجات الإنسان التي مثّلت أسلوب حياة وثقافة متشابهة لمنطقة ذات طبيعة واحدة، وكذلك في تسجيل المواقع والعناصر التراثيّة على خريطة البحث العالمي، وفي تصنيفات المنظمات العالميّة الكبرى العاملة في هذا المجال مثل اليونيسكو أو في التجاور الثقافي مع بلدان وقارات كانت ذات تأثير واضح من حيث الانفتاح الإنساني على الفضاءين الأفريقي والآسيوي، لتأتي مذكرات التعاون الثقافي بين المؤسسات الثقافية الإماراتيّة والبحرينيّة فعلاً طبيعيّاً أسس لأرضيّة خصبة وأساس قويّ لشعور أخوي متبادل، ورؤية سياسيّة واقتصاديّة وثقافية عبر واحد وخمسين عاماً من الشراكة الاستراتيجيّة بين البلدين. التنوّع والتعايش والخطاب الثقافي المشترك بين الإمارات والبحرين، ينبع من المشكاة ذاتها في تعزيز كلّ دولة لموضوع التنوّع الثقافي والتعايش الديني على أرضها، والرؤية الواثقة لموضوع التعبير الثقافي واستثماره ليكون عامل نجاح وثراء فني وفكري ضمن هويّة الدولة الوطنيّة الجامعة، ولذلك كان الانفتاح أكثر سهولة ودافعيّة كنموذجين عربيين ملهمين ثقافياً في المنطقة. قراءة طريق اللؤلؤ وعلى مستوى تكامل البيئات الثقافيّة في البلدين الشقيقين، نستعيد اليوم في قراءة هويّة الإنسان كلّ هذا التمازج في علاقته مع البحر وارتباطه به، في مسار رائع انعكس على فنون الأداء الثقافي المعروفة، في الرقصات الاحتفاليّة والمناسباتيّة، وفي قراءة طريق اللؤلؤ وتأثيره النفسي الرائع على الإنسان الإماراتي والبحريني، هذا الطريق الرائع الذي تحمله الدراما الخليجية بشكل عام في العلاقة مع البحر والترحال والتنقّل واكتساب صفاته وسرد القصص والحكايات حوله واستنباط الأهازيج والأغاني منه، خصوصاً حين تهبّ رياح الحنين في رحلات الغوص ومكابدة الأنواء، وتهبّ معها بالطبع مدود إبداعيّة ثقافيّة لأطياف سكّانية بحكم هذا التفاعل الإنساني عبر البحر كنافذة قويّة للعمل والتجارة والسفر، ولذلك فإن التركيبة الاجتماعيّة تتأسس بالفعل على الجوّ العام والصفات الاجتماعيّة الواحدة، وكلّ هذا أسهم كثيراً في حضور فاعل للمثقف البحريني والإماراتي في المناسبة الثقافيّة والتراثيّة بينهما على نحوٍ متميز. ذاكرة مشتركة إنّ طبيعة التعبير الاحتفالي في الأعياد والمناسبات الاجتماعيّة تنسجم بالتأكيد وتتجسد في أصالة التراث، ففي البحرين ذاكرة شعبيّة مشتركة مع الإمارات في حفلات الأعراس وطرق استخدام الدفوف والطبول والأغاني واللهجة التي تعدّ عاملاً قويّاً من عوامل الأصالة، كتعبير تراثي منطوق في الشعر الشعبي والنبطي وفنون النهّامين والبحّارة وأغانيهم، ولذلك فإن الرقص الشعبي والعود والربابة جميعها أدوات مشتركة بين فناني البلدين. أخبار ذات صلة مركبة هبوط المستكشف راشد تنجح في أول مناورة للتحكم المداري الإمارات تدعو إلى تعزيز اللحمة الوطنية في ليبيا البيئة الإبداعية حملت الدراما الإماراتية والبحرينيّة البيئة الإبداعية البحريّة وعززتها في الحفاظ على الموروث وإظهاره عالميّاً، ومثلما تهتمّ المؤسسة الثقافية الإماراتيّة بحفظ التراث وتدوينه والعناية بأصوله وفروعه والمبادرة إلى تسجيله على قائمة التراث العالمي، فإنّ المهرجانات البحرينيّة أيضاً في الموسيقى والمسرح والغناء حواضن ناشطة؛ إذ سارعت البحرين إلى تسجيل موقع طريق اللؤلؤ على قائمة التراث الإنساني العالمي لـ«اليونيسكو» كموقع مهم، وفي المقابل فقد كانت فرقة «العيّالة» على سبيل المثال تسجّل إماراتيّاً لدى «اليونيسكو» كتراث فاعل. العمل المشترك تنشط في البحرين دراسات لتتبّع التأثير ومنابع الفرق الغنائيّة، خاصة ما كان من أصول أفريقية في الغناء والموسيقى، واشتهرت أيضاً في الإمارات والبحرين فنون العمارة الإسلاميّة والمباني والمتاحف والبيوت التراثيّة، والأمثلة كثيرة على ذلك، كما في متحف البحرين ومقتنياته ومعروضاته الثريّة في عناصر المدافن ودلمون وعصور الإسلام وما يختصّ بالعادات والتقاليد والتجارة والحِرَف التقليدية والوثائق والمخطوطات، وكذلك متحف البريد. ومثل ذلك يزدهر أيضاً بطبيعة الحال على أرض الإمارات في متاحف عديدة وحصون وقلاع حافظت عليها الدولة تراثيّاً، كجزء من العمل المشترك والتعاون في صون التراث وحمايته وتعزيز دوره والاهتمام بكلّ مفرداته. علاقة تاريخية في احتفال الإمارات والبحرين باليوم الوطني لكلٍّ منهما، تتأكّد العلاقة الأخويّة والتاريخيّة التي عززها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وتسير على هدي منها القيادة الرشيدة الحكيمة اليوم في البلدين الشقيقين. جناح متميز شاركت البحرين في التظاهرة العالميّة المهمّة في الإمارات «إكسبو 2020» بجناح متميز، ضمن احتفالات فنيّة وتراثيّة في الاحتفال بالعيد الوطني البحريني الخمسين، كما تمّ في المعرض أيضاً إطلاق كتاب «الشراكة الاستراتيجية البحرينية الإماراتيّة» خلال خمسين عاماً بين البلدين، ونشط التعاون الثقافي بين الإمارات والبحرين في أكثر من جانب، فقد تمّ توقيع مذكرة التفاهم بين مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بمملكة البحرين ووزارة الثقافة بدولة الإمارات، للاحتفاء بمئوية الشيخ زايد، ومدينة المحرّق البحرينية عاصمة للثقافة الإسلاميّة؛ بهدف دعم عدد من البيوت التراثيّة في البحرين. كما تمّ في البحرين تدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بجامعة سابينزا، لانفتاح دولة البحرين على العالم في موضوع التسامح والتعايش بين مختلف الثقافات، الأمر الذي تنتهجه وتدعمه الإمارات ضمن سياسات التسامح والتعايش وتعزيز التنوع الثقافي. تعزيز التراث تحتضن مجلة الفنون الشعبية البحرينية، إبداعات إماراتيّة وخليجية وعربيّة فاعلة في تعزيز التراث والعناية به، مثلما بادرت الإمارات بدعم بيوت تراثيّة أثريّة في مدينة المحرّق البحرينية في إطار التعاون الثقافي المشترك، إضافةً إلى حضور البحرين ممثلةً بهيئة البحرين للثقافة والآثار في المؤتمر العالمي للاقتصاد الإبداعي الذي أقيم في دبي. معارض الكتاب معرض الكتاب في كلٍّ من أبوظبي والشارقة، يشهد في كلّ دورة حضوراً بحرينيّاً فاعلاً وغنيّاً بالإصدارات والكتب والمؤلفات الغنيّة. وهكذا يتأسس العمل الثقافي الإماراتي البحريني على رؤية مشتركة وطموح دائم نحو بناء الفكر والوعي المجتمعي والاعتزاز الحضاريّ لدور البلدين في مسار التنمية الشاملة الخليجية العربيّة في مسارات التقدم والتنمية العالمية.
مشاركة :