طرابلس - تنتهي غدا الجمعة مهلة الـ21 يوما الممنوحة لرئيس الحكومة المكلف الليبي عبدالحميد دبيبة، لتقديم تشكيلة حكومته إلى البرلمان وقد بدأ بالفعل اليوم الخميس في عرض فريقه الحكومي لنيل الثقة، فيما أعلن 84 نائبا أمس الأربعاء دعمهم لدبيبة من أصل 200 نائب يوجد منهم فعليا 170 في الوقت الراهن. ونيل ثقة البرلمان هي المحطة الأولى من المرحلة الانتقالية وهي التي يفترض إذا مرت بسلام أن تؤسس لانتخابات عامة في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم وبالتالي انهاء عقد من الفوضى عصفت بالدولة النفطية العضو في منظمة أوبك والتي كانت تنتج قبل سقوط نظام معمر القذافي في 2011 نحو 1.6 مليون برميل نفط يوميا. في الانتظار، لا يحظى المكان الذي سيعقد فيه البرلمان جلسته للتصويت على الثقة بتوافق، فصالح وعدد من النواب يريدون أن تعقد في سرت في منتصف الطريق بين الشرق والغرب، فيما يفضل أكثر من 140 نائبا صبراته في الغرب. ويرى عماد الدين بادي الخبير في المبادرة العالمية التي يوجد مقرها في جنيف أن مهمة دبيبة ستكون شائكة. وقال "إذا كان تعيينه قوبل مؤقتا بتوافق واسع في أنحاء البلاد، فإن الخاسرين الذين سيظهرون حتما حين يعلن حكومته سيحشدون صفوفهم بدون شك لعرقلة أي دعم لحكومته". وأعلن المكتب الإعلامي لدبيبة مساء الأربعاء أن التشكيلة الحكومية ستسلم "الخميس إلى المجلس الرئاسي قبل تقديمها لمجلس النواب لاعتمادها"، مضيفا أن رئيس الحكومة يؤكد أن "المهلة لكي تعطى لها الثقـة فترة محدودة جدا". وأمام دبيبة مهلة حتى 19 مارس/اذار للحصول على ثقة مجلس النواب قبل أن يبدأ المهمة الصعبة المتمثلة بتوحيد المؤسسات وقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول. والهدف النهائي هو محاولة الاستجابة لتطلعات الليبيين الذين يعانون من نقص في السيولة والوقود وانقطاع في التيار الكهربائي وتضخم كبير في بلد يرقد على احتياطات نفطية ضخمة. وليبيا التي احتفلت الأسبوع الماضي بالذكرى العاشرة للثورة التي أنهت نظام معمر القذافي في 2011، لا تزال غارقة في الفوضى على خلفية الانقسامات السياسية. وانتخب المهندس عبدالحميد محمد دبيبة (61 عاما) في 5 فبراير/شباط رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا وذلك من جانب المشاركين في الحوار الذي أطلق في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي بين الفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة. وسبق أن شغل مناصب مسؤولية خلال عهد القذافي. واختار الحوار بين الليبيين هذا الشهر سلطة تنفيذية جديدة بقيادة رئيس الوزراء المكلّف دبيبة ومجلسا رئاسيا من ثلاثة أعضاء وذلك بدعم رسمي من كل من المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها. ومنذ ذلك الحين كثف لقاءاته وتنقلاته من أجل تشكيل فريق يحل محل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تشكلت في 2016 في طرابلس (غرب) والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة. وبذلك تطوى صفحة مرحلة انتقالية بدأت مع اتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من حفتر ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد. والنزاعات على السلطة أغرقت البلاد في الحرب في أبريل/نيسان 2019 على خلفية تدخل أجنبي مع هجوم أطلقه حفتر في محاولة لتطهير العاصمة الليبية طرابلس من الإرهاب والميليشيات المسلحة. ومنذ فشل القوات الموالية لحفتر في السيطرة على طرابلس بعد تدخل عسكري تركي لصالح حكومة الوفاق، جرت محاولات وساطة عديدة. ودخل وقف إطلاق النار بوساطة من الأمم المتحدة حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وما زال مطبقا إلى حد كبير. وعبر تخصيص زيارته الأولى إلى الخارج إلى مصر الداعمة للمشير حفتر وليس تركيا الداعمة الرئيسية لحكومة الوفاق الوطني، أراد دبيبة إظهار أنه يريد أن يضع التحالفات الماضية جانبا. من جانب آخر وعد باختيار الوزراء "وفق معايير الكفاءة مع مراعاة التنوع والمشاركة الواسعة"، مضيفا في تغريدة "لن نخيب الآمال المعقودة علينا بإذن الله، فالشعب الليبي يستحق الأفضل دائما". وبحسب خارطة الطريق التي أعدتها الأمم المتحدة فان "30 بالمئة على الأقل من المناصب في رئاسة الحكومة والوزراء ونواب الوزراء" يجب أن توكل إلى نساء لكن أيضا إلى شباب الذين كانوا مستبعدين لفترة طويلة عن دوائر السلطة. وبحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء المكلف "التقدم المحرز في عملية تشكيل الحكومة والجهود المبذولة لعقد جلسة لمجلس النواب لمنح الثقة للتشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء المكلف". وفي هذا الإطار التقى دبيبة في 19 فبراير/شباط في طبرق (شرق) عقيلة صالح رئيس البرلمان المتحالف مع حفتر. وعلى غرار مؤسسات ليبية أخرى، شهدت هذه المؤسسة انقسامات أيضا، ففي 2019 خصوصا قاطع حوالي 50 نائبا من أصل 188 البرلمان احتجاجا على الدعم الذي قدمه صالح للهجوم الذي شنته القوات الموالية لحفتر على طرابلس. وذكر دبيبة في الآونة الأخيرة أنه في حال عدم تأمين النصاب المطلوب للتصويت على الثقة في البرلمان، فسيعود الأمر إلى الموفدين الليبيين الـ75 إلى جنيف لمنح الثقة للحكومة.
مشاركة :