طرابلس - يعقد مجلس النواب الليبي جلسة حاسمة الاثنين لمنح الثقة لحكومة عبدالحميد دبيبة الجديدة المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، والتي تشكلت مطلع فبراير/شباط لتقود البلاد خلال مرحلة انتقالية تمهد للانتخابات في ديسمبر/كانون الأول. ويجتمع أعضاء البرلمان الـ188 في مدينة سرت لجلسة ينتظرها الليبيون بفارغ الصبر وتحظى باهتمام دولي واسع. وتأتي جلسة منح الثقة في وقت تواجه حكومة دبيبة المتحدر من مصراتة (غرب)، تحديات عديدة منذ تسميته رئيساً لها قبل شهر وقد تؤثر على مصير اعتمادها من طرف السلطة التشريعية في ليبيا (البرلمان). وانتخب ملتقى الحوار الليبي الذي يضم 75 ممثلا عن كل مدن البلاد وانطلق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في سويسرا برعاية الأمم المتحدة دبيبة (61 عاما) في 5 فبراير/شباط رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا. كما توافق الملتقى على مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء برئاسة محمد المنفي. وقدّم دبيبة رجل الأعمال الملياردير، تشكيلته الحكومية التي تضم 33 اسما للبرلمان الأسبوع الماضي، دون الكشف علنا عن أي الأسماء. ودعا دبيبة أعضاء مجلس النواب إلى عدم تفويت فرصة توحيد المجلس بملتقاهم وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة وتمكين حكومته من مباشرة مهامها الصعبة. وفي حال نيلها ثقة النواب فستكون أمامها مهمة ثقيلة لتوحيد مؤسسات دولة غنية بالنفط غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. كما ستتولى قيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات، المقرر تنظيمها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وفي حال فشل جلسة منح الثقة، ستكون لدى رئيس الوزراء المكلف فرصة ثانية لينظر البرلمان في حكومته في 19 مارس/آذار الجاري، وفقا لخارطة الطريق التي اتفقت بشأنها الأطراف الليبية في جنيف الشهر الماضي. وفي حالة فشل جلسة التصويت الثانية، سيؤول التصويت إلى الأعضاء الـ75 الممثلين لملتقى الحوار السياسي الليبي. ومنذ إعلان حكومته وعدد حقائبها التي تعتبر كبيرة بالنسبة لحكومة مدتها أقل من عام واحد، اشتعل الجدل في الأوساط السياسية والشعبية. وبرر دبيبة تشكيل حكومته بهذا الشكل والعدد بأنه يعود لضيق الوقت. تحديات وعراقيل قال استاذ العلاقات الدولية في ليبيا خالد المنتصر إن رئيس الحكومة تعرض منذ البداية لعقبات ومشاكل حتى قبل اعتماد حكومته، وهو أمر قد يؤثر على أدائها في حال إقرارها. وأضاف المنتصر "الحكومة واجهت تحديات منذ تسميتها في ملتقى الحوار، وبدأت تتلقى الصفعات والتشكيك مرة تلو الأخرى، وبالتالي الانقسام حول تأييدها صار محل شك، وربما تفقد الزخم والدعم داخليا وخارجياً الذي رافق اختيارها". وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن رئيس الوزراء المكلف يتحمل جزءا من هذه العراقيل التي بدأت تكبر مثل "كرة الثلج" أمامه. وتابع "دبيبة لم يكن حازماً وسمح للتأويل والتشكيك ضرب حكومته قبل ولادتها، وبالتالي كان لزاماً الابتعاد عن الخروج المتكرر عبر الإعلام، حتى تمنح الثقة لحكومته رسمياً، وبدء اتخاذ خطوات عملية للتحضير للانتخابات". وتبقى تهم الفساد التي شابت عملية اختيار السلطة الجديدة أكبر الهواجس المرتبطة بعملية منحها الثقة. ووفقًا للجنة خبراء الأمم المتحدة في تقرير لا يزال سريًا اطلعت عليه وكالة فرانس برس نهاية فبراير/شباط، فإن عددا من أعضاء ملتقى الحوار تلقوا مبالغ مالية مقابل التصويت للدبيبة، فيما رد الأخير بدوره بأن عملية اختيار السلطة الجديدة تمت بـ"نزاهة وشفافية". كما طالب المجلس الرئاسي الليبي والدبيبة لجنة الخبراء الأممية بنشر التحقيق المتعلق بالفساد والرشى. خصوم سياسيون من جهته يرى المحلل السياسي محمود خلف الله أن من وصفه بـ"الخصم السياسي" وبعض من هم على "رأس السلطة" حاليا، يحاولون عرقلة عمل رئيس الوزراء. وأوضح "منذ تسميته رئيسا للوزراء، بدأت حملات شرسة يقودها خصومه السياسيون للتشويه وبث الإشاعات حوله، بل وحتى الضغط لاختيار وزرائه وفرض أسماء معينة، في محاولة للإطاحة بمشروعه، ونجحوا في خلق بيئة متوترة قبل منح الثقة". وأعرب عن تفاؤله بشأن إمكانية منح الحكومة الثقة لكنه حذّر من أن "المشاكل والعقبات ستظل تستهدفها، خاصة وأن أطرافا عديدة تحاول إفشال موعد إقامة الانتخابات، التي ستطيح بمن يتصدرون السلطة واستفادتهم من الفوضى والانقسام منذ سنوات طويلة". وتتوزع الحقائب السيادية السبع بين المناطق الجغرافية الثلاث؛ الشؤون الخارجية للشرق والاقتصاد والتجارة والعدل للغرب، والدفاع والداخلية والمالية للجنوب. ومن المقرر أن يقدّم الخبراء الأمميون تقريرهم بشأن عمليات شراء الأصوات رسميا إلى مجلس الأمن الدولي في منتصف مارس/آذار. وطالب بعض النواب الليبيون بتأجيل جلسة التصويت على منح الثقة إلى ما بعد نشر تقرير الخبراء.
مشاركة :