القدس - ينشغل الجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة بتطورات الملف النووي الإيراني، لكن تبدو عينه أيضا على ترسانة حزب الله الصاروخية، حيث تعتقد إسرائيل أن الجماعة الشيعية المدعومة من إيران راكمت ترسانة ضخمة من الصواريخ الدقيقة، لكنها لم تصل إلى الحدّ الذي يمكن اعتباره "خطا" أحمر بالنسبة لتل ابيب. ومع ذلك يدور الحديث في الغرف العسكرية المغلقة وفي وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أهمية العمل على مواجهة سيناريو تخطي حزب الله كمية معينة من الصواريخ المتطورة القادرة على الوصول إلى قلب تل أبيب، فيما تبقى المستوطنات في مرمى نيران الحزب. وقد أطلق الجيش الإسرائيلي تهديدات علنية بأنه إذا تجاوزت ترسانة حزب الله الصاروخية ما بين 500 وألف صاروخ، فإنه لن يبقى مكتوف الأيدي وسيستهدف تلك الترسانة. وتأتي تهديدات الجيش الإسرائيلي بينما يعيش لبنان أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخه وضعته على حافة الانهيار وأي ضربة إسرائيلية ولو جراحية من شأنها أن تدفعه لهوة عميقة يصعب النهوض منها. وتنتقد قوى سياسية لبنانية سلاح حزب الله وتعتبر أن أنشطة الجماعة الشيعية الشريكة في الحكم والمهيمنة على السلطة إضافة لانخراطها في الصراع السوري وموالاتها لإيران، من بين أهم الأسباب التي عطلت تدفق مليارات الدولارات على لبنان لإنقاذه من الانهيار. وأحجمت الجهات الدولية المانحة عن الإفراج عن قروض وهبات بمليارات الدولارات كانت مخصصة لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته، بسبب مخاوف من أن تصل تلك الأموال إلى أيدي حزب الله، فيما تمسك هو وحليفته حركة أمل بحقائب وزارية حساسة مثل وزارة المالية. وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات على حزب الله وكبار القادة فيه بجناحيه السياسي والعسكري. كما تقوم إسرائيل من فترة إلى أخرى باستهداف قواته ومواقعه في سوريا وتمكنت خلال السنوات الماضية من اغتيال عدد من قادته من بينهم الأسير السابق سمير القنطار وعماد مغنية. ولم تنشغل إسرائيل منذ حرب العام 2006 عن نشاطات حزب الله وترسانته الصاروخية، فيما تعتقد أن الحرب السورية أتاحت للحزب تهريب صواريخ إيرانية دقيقة. وذكرت صحيفة 'يسرائيل هيوم' نقلا عن عيران نيف قائد لواء أساليب القتال والحداثة في الجيش الإسرائيلي، أنه "إذا تجاوز حزب الله سقف كمية أو نوعية من السلاح الدقيق، فسنطالب بالعمل ضده. وهذا قرار من العيار الثقيل، لكن لن نتمكن من التهرب منه". واعتبر في تشخيصه للتهديدات المحتملة أن صواريخ حزب الله هي "ثاني أكبر تهديد لأمن إسرائيل بعد التهديد النووي الإيراني". وأوضح أن تقييم الوضع يستند إلى هذه الحقيقة وأن التدريبات تركز على هذا الجانب، مضيفا "كل شيء موجه إلى هناك، لكن الرد موجه إلى هناك أيضا. وفي هذه الأثناء نحاول العمل بطرق مبتكرة أخرى والتي لا تسمح لهم بالوصول إلى هناك". وكان تمير هايمن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) قد صرح مؤخرا بأن لدى حزب الله "بضعة عشرات من المقذوفات والصواريخ الدقيقة". وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن إسرائيل تشعر بقلق من جهود حزب الله التزود بكميات أكبر من الأسلحة الدقيقة، "من أجل استهداف أهداف نوعية في الحرب القادمة، مثل قواعد سلاح الجو ومنشآت بنية تحتية وطاقة ومؤسسات الحكم". ولا يبدو في المقابل أن حزب الله الذي هدد مرارا بضرب إسرائيل في العمق إن هي أقدمت على شن عدوان على لبنان، مستعدة لأي مواجهة عسكرية في الظروف الحالية وفي الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا شديدة في الشارع اللبناني ومن القوى الدولية الغربية. وقالت صحيفة 'يسرائيل هيوم'، إن الجيش الإسرائيلي عمل خلال السنوات الأخيرة على كبح طموحات حزب الله في التزود بصواريخ دقيقة ومتطورة، مشيرة إلى أن قسما كبيرا من الغارات الإسرائيلية على سوريا استهدفت إحباط أو تشويش تهريب أسلحة دقيقة إلى لبنان. وبحسب المصدر ذاته، عمد حزب الله وإيران في مواجهة الضربات الإسرائيلية، إلى تهريب أجهزة تحسين الدقة، و"تشمل حاسوبا صغيرا وجهاز جي بي اس وأجنحة صغيرة لتوجيه الصاروخ" والتي تمكن بتعديلات بسيطة من تحويل المقذوفات بشكل أكثر دقة. واستبعدت الصحيفة أن تشن إسرائيل حربا من أجل منع تسلح دولة ما أو "منظمات معادية" بينها حزب الله بهذه الأجهزة الدقيقة إلا إذا تعلق الأمر بالتسلح النووي. وأشارت إلى أن كبار المسؤولين (لم توضح إن كانوا عسكريين أم سياسيين) يعتقدون أن على الحكومة الإسرائيلية بلورة خطة واضحة حول كل ما يتعلق بمشروع دقة الصواريخ في حزب الله. وتابعت أن "الحديث يدور عن تهديد تقليدي قد يصل إلى أحجام غير مسبوقة"، مضيفة نقلا عن عدد من المسؤولين أن "كميات 500 إلى 1000 صاروخ دقيق كسقف أعلى يلزم إسرائيل بالعمل". ويدعو عاموس يدلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى أنه "يجب دراسة وتعريف التوقيت الصحيح لعملية ضد مشروع الدقة من خلال الإدراك أنه قد يقود إلى تصعيد واسع النطاق"، مضيفا "وجود مئات الصواريخ الدقيقة بأيدي المحور الإيراني وخاصة بأيدي حزب الله هو تهديد إستراتيجي لا يمكن السماح بتطوره".
مشاركة :