ولأول مرة في حياتي أجد رجلًا يبكي بحرقة على امرأة، ولكنها ليست كأي امرأة، إنها زوجته التي أحبها وتمناها وأنجب منها أربعًا.فمن بداية حياتهما الزوجية اتفقا أن يعيشا معًا على الحُلوة والمُرة، فوعدتْه بالطاعة ووعدها بالسكينة والمودة والرحمة، وبالرغم من ذلك فقد فرّق بينهما أبغضُ الحلال إلى الله.حالة مأساوية أخرى تعايشتُ معها في لجنة الفتوى، ولكنها من الحالات التي يبكي عليها القلب قبل العين.عندما دخل الزوجان إلى اللجنة شعرتُ كأني رأيتُ عصفورين تتعانق أرواحهما ولكن تنزف قلوبهما دمًا، وقد جاءوا إلينا بعد الطلقة الثالثة.فسألت الزوج: عن سبب الطلقة الأولى قال: أمي!وعن الثانية قال: أمي!! وعن الثالثة قال: أمي!!!فتعجبت كيف تكون الأم التي هي مصدر السعادة والطمأنينة والأمن والأمان سببًا من أسباب الشقاء؟!!! وكيف تكون سببًا في تفكك أسرة وتشريد أطفال؟!!! وسألتُ الزوج عن ذلك فقلتُ له:يا أخي لقد جعل الله الطلاق بيدك لقدرتك على التحكم في نفسك، وعلى الموازنة بين الأمور، فلِمَ تسرعتَ وظلمتَ زوجتك ودمرتَ أسرتَك؟قال: أمي هي من طلبتْ مني ذلك، فأردتُ رضا أمي ورضا الله عز وجل.قلت له: ألم تسمعْ بحديث النبي ﷺ: «لا طاعةَ لِمَخْلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ»قال: نعم أعرف ذلك؛ ولكن هددتني أمي بغضبها وموتها غير راضية عني إذا لم أُطَلِّقْ زوجتي…وها أنا الآن خسرتُ زوجتي وتدمرتْ أسرتي بسببها.رسالتي لكل أم تضع نفسها في مقارنة مع زوجة ابنها: لا تفعلي ذلك إذا أردتِ حياة سعيدة لابنك فلا تكوني سببًا في تشتت عقله وقلبه، ولا تضعي نفسك موضع مقارنة مع زوجة ابنك، فمقامك معروف ومحفوظ بحفظ الله له. وأقول لكل زوجة تبحث عن حياة زوجية سعيدة وأسرة متناغمة يملؤها الدفء والطمأنينة: الله عز وجل جعل أم زوجك أمًا لكِ فتحَمَّلِيها وتعامَلِي معها كأنها أمكِ التي ولدتكِ، ولا تنسي يومًا أنها حملتْ وولدتْ وسهرتْ وأرضعتْ وربّتْ وعلَّمَتْ، لتُهْدِي لكِ رجلًا يحبكِ ويحافظ عليكِ، فأكرميها من أجْلِ اللّــه.
مشاركة :