طارق الشناوي يكتب: الإجابة تحت الأرقام

  • 3/10/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خدعوك فقالوا (الجمهور عاوز كده) دلالة على الفن الردىء، والحقيقة أن ذوق الجمهور لا يمكن وصفه أبدًا بالرديء، هناك شىء آخر جاذب، لم يفطن إليه النقاد، يحطم الفيلم الإيرادات تحطيمًا، مؤكد ليس بسبب الرداءة، فتش عن البُعد الاجتماعى، لديكم مثلا أفلام مثل (إسماعيلية رايح جاى) و(صعيدى في الجامعة الأمريكية) و(اللمبى) و(عبده موتة) وغيرها، وجدت فيها الجماهير توجها مغايرًا، يُشبه جمهور الشباب الذي يقطع تذكرة السينما، فهو الذي يحدد ملامح النجم الجديد، مثلما حدث مثلاً مع محمد هنيدى ومحمد سعد ومحمد رمضان، ويبقى استمرارهم أو توقفهم له علاقة بفن إدارة الموهبة، وهو الدرس الذي أتقنه عادل إمام على مدى 40 عامًا.يسعى الفنان للجمع بين الحسنيين، أقصد أن يقدم فيلمًا يحقق أعلى الإيرادات وأن يحظى بتأييد وتعضيد النقاد واحترام الناس، البعض يرى أن هذا هو المستحيل الرابع بعد الغول والعنقاء والصديق الوفى!!ليس صحيحًا أن المسافة شاسعة بين ذائقة الناس وما تفضله المهرجانات، لو ألقيت نظرة عين الطائر الخاطفة على أفضل 100 فيلم عربى طوال تاريخنا السينمائى، وهو الاستفتاء الذي أعلنه مهرجان (دبى) السينمائي الدولي 2013، ستكتشف أن 50% منها حققت درجة جماهيرية ضخمة، أي أنها قدمت لغة سينمائية استوعبها الجمهور وانطوت في نفس الوقت على أسرار إبداعية جمالية، منحتها مع الزمن عمرا جديداً، أفلام مثل التونسى (صمت القصور) للمخرجة الراحلة مفيدة تلاتلى والمصرى (الكيت كات) لداود عبدالسيد واللبنانى (بيروت الغربية) لزياد الدويرى وغيرها، حققت مراكز متقدمة في قائمة العشرة الأوائل طوال تاريخنا السينمائى العربى، وكان لها في نفس الوقت مردود ضخم في الشباك.لو تتبعت أكبر المهرجانات مثل (كان) و( برلين) و(فينسيا) ستكتشف أن الأفلام الجماهيرية ليست بعيدة عن المشاركة واقتناص الجوائز، وفى العادة فإن الفيلم الحاصل على سعفة (كان) أو دب (برلين) أو أسد (فينسيا) يحقق أعلى الإيرادات بعد عرضه جماهيريًا، التجارب المعزولة عن الحس الجماهيرى لا أنكر وجودها عبر التاريخ وفى كل دول العالم، ولكنها في إطار الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، وهى أن السينما فن شعبى لا يتنفس بعيدًا عن الناس!!المسافة تقلصت أو في طريقها لذلك، ثم من قال إن أفلام الجوائز تخلو بالضرورة من الحس الجماهيرى؟! لديكم مثلاً (تيتانيك) الحاصل على الأوسكار 1998 حقق أعلى أرقام في الشباك، بينما هو مرصع بـ11 جائزة (أوسكار)، ويعد الآن من بين الأعلى في الإيرادات على مستوى العالم طوال تاريخ السينما، ومن فرط نجاحه أعاد المخرج جيمس كاميرون تقديمه بتقنية الأبعاد الثلاثة 2012 وذلك بمناسبة مرور 100 عام على كارثة السفينة (تيتانيك).وفى تاريخنا السينمائى عدد من الاستثناءات، وهى تلك الأفلام التي ناصبها الجمهور في البداية العداء، بل وقصف دار السينما عام 58 بالحجارة احتجاجًا عليها، مثل (باب الحديد)، ومع مرور السنوات أصبح فيلمًا جماهيريًا، وحظى بالمركز الثانى عربيا بعد (المومياء) المركز الأول، الذي لم يحقق بدوره أيضًا عند عرضه مطلع السبعينيات إيرادات تذكر، إلا أنه وعلى مدى نصف قرن عندما يعرض في المهرجانات أو عبر الفضائيات يكتسب (المومياء) أرضًا جماهيرية جديدة.خدعوك فقالوا «الجمهور عاوز كده» والحقيقة أنه (عاوز كده وعاوز كمان كده)، فتش عن البعد الاجتماعى ستجد أن الإجابة كامنة تحت سطح الأرقام!![email protected]

مشاركة :