لا ريب ان التأمل والتحليل المعمق لمضامين حديث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء -حفظه الله- يكشف الخصال القيادية العديدة التي تميز سموه والتي أكسبته ديناميكية ارتقائية في النهوض بالمهام التنموية والوطنية العديدة التي أوكلت الى سموه، فقد كان مجلس التنمية الاقتصادية الذي يرأسه سموه منبرا وطنيا استراتيجيا لصياغة الخطط الاقتصادية الطموحة المقترنة بسياسات تنفيذية جريئة وشفافة، حققت أهدافها على صعد عديدة كجذب الاستثمار الاجنبي، والارتقاء بالاقتصاد الرقمي، وتوطين التكنولوجيا المالية، وتعزيز القطاع المالي والمصرفي، والارتقاء بالاستثمار في الطاقة الحيوية والبديلة، واعتماد الحلول الذكية في مجالات البنية التحتية وقطاعات الاتصالات والمواصلات والبنى اللوجستية عموما، وتطوير التشريعات والنظم الادارية، واعتماد الشفافية والافصاح عن السياسات والبرامج، ومكافحة مختلف انماط الفساد الاداري والمالي، وإيلاء التعليم والتدريب اهتماما بالغا، وعدّ الكفاءة والمهارة فضلا عن الاخلاص والولاء للوطن وخدمة الشعب معايير أساسية في تولي المناصب الادارية، الامر الذي قاد الى تحقيق المملكة مواقع متقدمة في اغلب المعايير والمؤشرات التنموية الاقليمية والعالمية، بالإضافة الى الرعاية والاحتضان المتواصل للمشروعات الريادية والجريئة، فالمتابع لتوجيهات سموه يلحظ اهتماما وتركيزا كبيرا على موضوعة الابداع والتطوير والتميز والحرص على الربط بينها وبين مجمل حركة الاقتصاد، لا بل المجتمع البحريني ، وقد جاء حديثه العميق مع الصحافة الوطنية واجابته عن اسئلة رؤساء تحريرها بكل شفافية وثقة ليؤكد ذلك التوجه النابع من ايمان عميق بأن التنمية الحقيقية هي التي تنم عن الابداع والابتكار، وتنطلق من الشعب ولخدمة الشعب، وليس التقليد والمحاكاة لتجارب الاخرين التي عفا عليها الزمن، ويتضح ذلك بشكل جلي في قول سموه: «الاستثمار في المواطن من خلال التعليم والخدمات الصحية كوّن لنا ثروة وطنية نعوّل عليها لبناء مستقبل الأجيال والتغلب على مختلف التحديات». وحيث ان سموه مدرك لمكامن القوة الوطنية وكاشف لها، بل مساهم رئيس في صناعتها، فإن سموه يؤكد على تعزيز هذه القوة وتطويرها «إننا سنواصل الاستثمار في المواطن من خلال تعزيز مفاهيم التنافسية التي تحفز الإبداع وتخلق الفرص»، مفصلا هذا الهدف التنموي بالقول: «سنعزز بيئة تنافسية مفتوحة ذات جسور متينة مع الاقتصاد العالمي تكافئ الإبداع والتميز، بما يسهم في خلق الفرص النوعية أمامه ومن ثم تحقيق تطلعاته وآماله التي سينعكس أثرها على نجاحات الوطن ونمائه وازدهاره». وهذا يعني ان المرحلة الراهنة ستشهد توفير حلول إبداعية للانشغالات التنموية التي تواجه المجتمع، واستحداث استثمارات ريادية، وتوفير موارد تمويلية لمبادرات واستثمارات الشباب خارج النطاق التقليدي (خارج الصندوق)، وتحديث منظومة التنمية وإعادة ترتيب أولوياتها، وبما يشكل نهجًا متكاملا لتنمية الكفاءات والمهارات، ودعم تكوين وإعداد رواد الاعمال، والمساهمة في صنع فرص العمل المناسبة من خلال تعزيز الاتجاه نحو الابتكار وخلق المشاريع الإبداعية، والحرص على إثراء بيئة الأعمال بالأفراد المبادرين، ومساعدتهم على استثمار الفُرص المتاحة، وتمكينهم من الاستثمار الامثل للموارد المتوافرة في المجتمع، واعتماد خطط غاية في الكفاءة لتجاوز التحديات والصعاب التي كثيرا ما احاطت بالاقتصاد الوطني خلال السنوات القليلة الماضية بفعل المستجدات الاقليمية والعالمية. ويفصح سموه الكريم عن السر الكامن خلف الايمان المنقطع النظير في نجاح خطط المملكة التنموية بالقول ان «منطلق إيماننا بنجاح خططنا ومبادراتنا هو ارتكازنا على ثروتنا الوطنية «المواطن» فهو مصدر قوة اقتصاديـة، وبعمله المخلص الدؤوب وصلنا إلى التنافسية على مختلف الأصعدة». وقد كانت جائحة كورونا فرصة تاريخية معاصرة -رغم آلامها وتداعياتها والاسف على ضحاياها- أثبتت «أن الإبداع والتفوق روح البحرين التي من خلالها حققنا نجاحات في مواجهة جائحة فيروس كورونا». بالإضافة الى الشعور الجمعي بالخطر الداهم، فكان التلاحم الوطني والاستجابة الشاملة لتوجيهات قيادة البلاد وفريق البحرين الصحي عوامل حاسمة لدرء الخطر، وقد اوضح سموه ذلك بالقول: «مجتمعنا أثبت في مواجهة جائحة فيروس كورونا أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار»، كما ان «استراتيجية البحرين كانت مرتكزة على توجيهات جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه لحماية صحة وسلامة المواطن والمقيم». فكانت ولا تزال تجربة مميزة اشاد بها العالم كله منذ بدء انتشار الجائحة، إذ جمعت بين حماية المواطن والمقيم كمسؤولية عليا، واستمرار الدولة بإداء مهامها الاعتيادية بما فيها التنموية، «واستطعنا الحفاظ على سير العمل وبرامج الدولة لصالح المواطن من خلال تنفيذ توجيهات جلالة الملك المفدى». تجربة جائحة كورونا وآليات التعامل معها، وتلاحم الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في التصدي لتداعياتها، قادت الى تفوق البحرين اقليميا وعالميا في القدرة على السيطرة عليها وتقليص آثارها الاقتصادية والاجتماعية بشكل مبكر، وجعلت شعب البحرين الوفي وقيادته الوطنية المخلصة يفخرون بما تحقق: «نحن نفخر بما حققته مملكة البحرين بفضل كوادرها من تفوق على مستوى العالم حيث إن لدينا مجتمعا واعيا وملتزما بالإجراءات الاحترازية». وان البحرين تعمل وفق خطة علمية متقنة للتعامل مع الصفحات المتعددة لأزمة جائحة كورونا، وفي ذلك يؤكد سمو ولي العهد رئيس الوزراء اننا «نتبع سياسة متوازنة ومبنية على معايير ومعطيات تتم دراستها بالشراكة مع الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا لاتخاذ القرارات والسياسات المناسبة، ولدينا خارطة طريق واضحة للتعافي، ونتطلع إلى أن يكون منتصف العام الجاري بداية التعافي من جائحة فيروس كورونا». حفظ الله البحرين وسدد على طريق الخير خطى قيادتها الرشيدة. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :