الشعر يجمعنا.. شجرة الزيتون الثانية لمحمود درويش

  • 3/13/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.واليوم ننشر قصيدة بعنوان "شجرة الزيتون الثانية" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، تزامنا مع ذكرى ميلاده التي تحل اليوم السبت.شجرة الزيتون لا تبكي ولا تضحكهي سيدة السفوح المحتشمةبظلها تغطي ساقها، ولا تخلع أوراقها أمام عاصفةتقف كأنها جالسة، وتجلس كأنها واقفةتحيا أختاً لأبدية أليفة وجارة لزمنيعيها على تخزين الزيت النوراني وعلىنسيان أسماء الغزاة،ما خلا الرومانالذين عاصروها واستعاروا بعض أغصانهالضفر الأكاليل.لم يعاملوها كأسيرة حرب،بل كجدة محترمة ينكسر السيف أماموقارها النبيل في فضة حضرتها المتقشفةخفر اللون من الإفصاح ،والنظر إلى ماوراء الوصف، فلا هي خضراء ولا فضيةهي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلةلون لا يقول لها أحد: كم أنتي جميلة !لكنه يقول: كم أنت نبيلة وجليلة وهي،هي التي تدرّب الجنود على نزع البنادق،وتمرنهم على الحنين والتواضع: "عودوا إلىبيوتكم، وأضيئوا بزيتي القناديل" لكنهؤلاء الجنود، هؤلاء الجنود الجدد،يحاصرونها بالجرافات ويجتثونها من سلالةالأرض.. ينتصرون على جدتنا التي انقلبتوصار فرعها في الأرض وجذورها في السماءلم تبك ولم تصرخ إلا أن أحدأحفادها ممن شاهدوا عملية الإعدام، رمىجندياً بحجر، واستشهد معها، وعندما مضىالجنود منتصرين، دفناه هناك: في الحفرةالعميقة _مهد الجدة ولسبب ما ،كنامتأكدين من أنه سيصبح، بعد قليل، شجرةزيتون.. شجرة زيتون شائكة.. وخضراء!

مشاركة :