ضمن السلسلة الدورية الموسومة بـ (كتاب الدارة) التي تصدر عن دارة الملك عبدالعزيز لموضوعات الكتب القصيرة في مجالات التاريخ والآداب، أصدرت الدارة الكتاب الثامن والعشرين من السلسلة، وجاء معنونًا بـ (علي جواد الطاهر وجهوده في التأريخ للأدب في المملكة العربية السعودية 1338-1417هـ / 1919-1996م)، ومن تأليف الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري، الذي درس في هذا الإصدار المؤلَّف الموسوعي الموسوم بـ (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية) الذي ألَّفه الطاهر وصدر في عام 1405هـ (1985م)، وأثنى عليه عند نشره عددٌ من العلماء، ومنهم الشيخ حمد الجاسر الذي وصفه بأنه أوثق المراجع وأوفاها بالمعلومات عن كلِّ ما يتعلق بالحركة الثقافية في المملكة. واستهل الحيدري كتابه بمقدمة عن الناقد العراقي الدكتور علي جواد الطاهر -رحمه الله- وما تفضَّل به على المكتبة العربية من مؤلفات غاية في الأهمية، مركِّزًا على المعجم موضوع الدراسة، الذي كانت بداياته على شكل مقالات علمية في مجلة (العرب) نشرت في ست وخمسين حلقة في المدة من المحرم 1391هـ حتى ذي القعدة 1402هـ، ثم حوّل تلك الحلقات إلى كتاب عنوانه (معجم المطبوعات العربية: المملكة العربية السعودية)، وصدرت طبعته الأولى عام 1405هـ (1985م)، فيما صدرت طبعته الثانية في عام 1418هـ (1997م) بتغيير يسير في العنوان، إذ أصبح (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية). ابن الحلة في الرياض وتضمنت الدراسة تمهيدًا يُعرِّف بالدكتور علي جواد الطاهر ابن مدينة الحلة العراقية، الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا عام 1954م، وفي عام 1383هـ (1963م) انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية أستاذًا في كلية الآداب في جامعة الرياض (الملك سعود حاليًّا) لمدة قاربت الست سنوات، ليعود بعدها إلى بغداد أستاذًا في جامعتها حتى إحالته إلى التقاعد عام 1981م، مع استمرار علاقاته القوية مع العديد من الأدباء والمثقفين السعوديين، ما أثمر عن مقالات وبحوث عديدة في عدة مجلات سعودية مثل مجلة العرب، ومجلة المنهل، ومجلة الفيصل، وعالم الكتب. واستعرض التمهيد الكتب المطبوعة للطاهر التي بلغت ما يزيد على ثلاثين كتابًا، وحضوره العلمي في الندوات والمهرجانات والمؤتمرات الثقافية داخل العراق وخارجها، لينتقل بعد ذلك إلى التعريف بكتابه الذي صدرت طبعته الأولى في مجلدين بعنوان (معجم المطبوعات العربية: المملكة العربية السعودية)، وتولت المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، والمكتبة العالمية في بغداد طباعته في عام 1405هـ (1985م)، حتى أوشكت نسخه على النفاد، مما دفع لإصدار الطبعة الثانية منه في عام 1418هـ (1997م)، وتولت ذلك دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر بالرياض، مع تغيير في العنوان بحيث أصبح (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية)، ذاكرًا أهم الاستدراكات والملحوظات على الكتاب التي لا تنقص قيمته المهمة. آراء في الأدب ينتقل الحيدري بعد التمهيد إلى المبحث الأول من كتابه، الذي استعرض فيه آراء الدكتور علي جواد الطاهر في الأدب السعودي، وذلك من خلال أربعة مطالب هي: التأريخ للأدب السعودي، وآراؤه في الشعر، والنثر، ووظيفة الأدب، ففي تأريخ الأدب في المملكة كان لعلي جواد الطاهر كتابات في معجمه الذي لم يقتصر على العمل الوراقي (الببليوجرافي) بل تعدى إلى الممارسة النقدية، وبالذات في مجاله الذي تخصص فيه وهو الأدب، وهي كتابات قدمت إضافة مميزة لتوثيق تاريخ الأدب السعودي، وهو ما ينسحب على بقية مطالب المبحث الأول للكتاب وهي آراؤه في الشعر، وفي النثر، ووظيفة الأدب. انطباعات وتعليقات وفي مبحث الكتاب الثاني الذي خصصه المؤلف لانطباعات الطاهر وتعليقاته حيث ضم تمهيدًا حول منهجه النقدي، عادًّا إياه صاحب مدرسة في النقد الأدبي يعتمد على الذائقة الأدبية اعتمادًا على النص، وأنه القائل نقدنا يقوم أولًا وقبل كل شيء على النص، بعيدًا عن أي منهج آخر، أو مؤثر خارجي، وبعيدًا جدًّا عن ذلك من أهوائنا ورغباتنا، لأن السيادة للنص نفسه، ولما يعرب به عن نفسه من جمال ومزايا، ثم ينتقل المبحث إلى مطلبه الأول وهو توثيق سير الشعراء والتأريخ لحياتهم، حيث انتهج الطاهر المنهج التاريخي في هذا الشأن مع الاعتناء بعدد من التفاصيل المرعيَّة، ليعرج بعد ذلك على مطلبه الثاني المتمثل في المذاهب الأدبية وهي (الرومانتيكية، والواقعية، والطبيعية، والرمزية، والسريالية)، واهتم بإسقاطها على الشعراء السعوديين، وكشف عنها في بعض نصوصهم، بعد ذلك ينقل مبحث الكتاب الثاني القارئ إلى مطلبه الثالث وهو النعوت التي بنى عليها الطاهر أحكامه في نقد الأدب السعودي وتاريخ الأدب في المملكة، حيث يُعثر في سياق النظر إلى معجمه على بعض النعوت والتعبيرات التي حاول من خلالها تحليل ذلك الأدب وتفسير بعض الظواهر فيه، ثم ينتقل المبحث إلى المطلب الرابع الذي تطرق إلى (نقد النقد)، فقد احتوى معجمه على ممارسة النقد على معظم الكتب التي تناولت الأدب السعودي، سواءٌ ألَّفها سعوديون، أو نقاد عرب، فأشاد ببعضها وحمل على بعضها الآخر. قيمة المعجم أما المبحث الثالث للكتاب فكان عن قيمة كتاب الطاهر (معجم المطبوعات) وأثره، مقسمًا إلى أربعة مطالب أيضًا، فركز المطلب الأول على طريقته في الترجمة للأدباء والتأريخ لحياتهم، حيث حرص الطاهر على التعريف بهم بقدر ما يتوافر لديه من معلومات، على رغم أن تلك التراجم لم تكن هدف المعجم، فيما خصص المطلب الثاني للإحصاءات بمن ترجم لهم الطاهر في معجمه، حيث تضمنت (134) ترجمة للأدباء السعوديين، وتطرق المطلب الثالث لأثر كتاب الطاهر في المؤلفين السعوديين، حيث يورد أن من أهم تلك الآثار ارتفاع الوعي بأهمية الضبط الوراقي (الببليوجرافي)، وطرح مقترحات وجيهة تخص الأدب السعودي وتحقق معظمها بعد صدور المعجم، لينتقل القارئ بعد ذلك إلى المطلب الرابع وهو موازنة بين كتاب الطاهر وكتب مشابهة سابقة ولاحقة، حيث استعرض الفروق بين المعجم وغيره من المؤلفات ذات الصلة.
مشاركة :