الموازنة الذكية بين القوتين الناعمة والصلبة

  • 3/20/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«واحد من أقوى الرجال على الأرض»، هذه العبارة وصف بها روبرت وورث Robert Worth في مقالته بصحيفة «نيويورك تايمز» بتاريخ 9 يناير 2020، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. هناك أسباب كثيرة لإعجاب الكثير من الكتاب والمحللين بالإمارات وقادتها. لكن أهمها هي تلك الموازنة الذكية بين القوتين الناعمة والصلبة مع رجوح كفة القوة الناعمة. فالقادة الحكماء يحسنون اختيار نوع القوة المستخدمة بناءً على طبيعة نظام الدولة، ولعل حصول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على جائزة أفضل شخصية دولية في مجال الإغاثة الإنسانية، هو تقدير دولي لجهود سموه في تعزيز العمل الإنساني وتتويج للقوة الناعمة لدولة الإمارات. عرّف جوزيف ناي القوة الناعمة بأنها القدرة على الحصول على ما تريد من خلال الجاذبية والإقناع بدلاً من التهديد والإكراه. هناك عدة مصادر لهذه القوة: مدى جاذبية ثقافة الدولة للآخرين، ما إذا كانت قيمها السياسية تُطبق باستمرار، وما إذا كان يُنظر إلى سياستها الخارجية باحترام. نجد كل ذلك طبقته دولة الإمارات باحتراف على الصعيد الإنساني، والعلمي، والدبلوماسي، والفكري. فعلى الصعيد الإنساني، قدّمت دولة الإمارات في ظل جائحة كورونا آلاف الأطنان من الشحنات التي تتضمن معدات طبية وعلاجية، أما من الناحية العلمية، نجحت الإمارات في إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية، وأطلقت مسبار الأمل للمريخ، إلى غير ذلك من الإنجازات العلمية الكثيرة. دبلوماسياً، وقعت اتفاقاً للسلام مع إسرائيل، وهو اتفاق تاريخي تميز بالسلام الدافئ أي السلام بين الشعوب، والذي من شأنه دعم الموقف الفلسطيني بطريقة عملية تختلف عن الشعارات السابقة. أما أهم ما قامت به دولة الإمارات بقيادتها الحكيمة، وخاصة الرؤى التي تبناها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو التركيز على الجانب الفكري بتقديم نموذج عملي ناجح يختلف عن نوستالجيا الإسلام السياسي المتمثلة سواء بـ «العثمانية الجديدة» أو «الخمينية الطائفية»، فهذا النموذج حمى الدين من الاستغلال السياسي والنفعية وهو الذي جعل الإمارات حلم الشباب العربي. فحسب شبكة «سي إن بي سي» الأميركيّة، والتي أذاعت تقريراً مفصَّلاً عن الاستطلاع في 2020 وفيه أنّ نحو 46% من الشباب العربيّ اختاروا الهجرة إلى الإمارات كبلدهم المفضَّل تليها أميركا وكندا. هذا يرجع أن الشباب وجدوا في الإمارات فرصاً للعمل وأرضاً للتسامح والتعايش، كذلك حرص قادة الإمارات على سلامة وراحة مواطنيها والمقيمين على أراضيها أعطى شعوراً بالاطمئنان والانتماء، فلا تزال أصداء كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مستهل أزمة كورونا، تتردّد في الأذهان: «لا تشلون هَّم». إن هذه الحكمة في استخدام القوة الناعمة حمت الإمارات من الإفراط في استخدام القوة الصلبة وجنبتها الكثير من الصراعات، فليس مبالغة عندما نقول: علينا: علينا أن نتعلم من «مدرسة محمد بن زايد» الكثير. * باحثة سعودية في الإعلام السياسي

مشاركة :