يتوجه الإسرائيليون يوم الثلاثاء المقبل إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة خلال عامين لاختيار مرشحيهم في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست). ويزداد المشهد السياسي في إسرائيل تعقيدا مع ارتفاع حدة الاتهامات بين قادة الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات. وما زال حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفقا لاستطلاعات الرأي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات (30 مقعدا) في الانتخابات. وحسب القانون الإسرائيلي، يحصل الحزب الذي يجمع أكبر عدد من الأصوات على الفرصة الأولى لتشكيل ائتلاف يضم 61 مقعدا على الأقل في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا. ولكن، وعلى غير العادة، يجد الناخبون اليمينيون بدائل لنتنياهو في كتلة اليمين وهما جدعون ساعر الليكودي السابق رئيس حزب أمل جديد، ونفتالي بينيت زعيم قائمة يمينا. وأظهرت استطلاعات الرأي أن ثاني أكبر حزب سيحصل على مقاعد هو حزب يوجد مستقبل الذي يقوده يائير لابيد، ويبدو هو المنافس الرئيسي لنتنياهو لكنه في الوقت ذاته لا يحظى بتأييد العديد من الأحزاب، وهذا يجعله مرشحا غير محتمل لرئاسة الوزارء على الرغم من شعبيته المتزايدة. ويوم أمس الجمعة، اتهم بينيت رئيس الوزراء نتنياهو بأنه "يخطط لحيلة انتخابية"، مؤكدا أنه لن يوقع مع نتنياهو على أي اتفاق، في حين رد نتنياهو على اتهامات بينيت بأنه كان يحاول "عقد اتفاق" مع بينيت يتعهد فيه بالالتزام بعدم الجلوس مع لابيد في حكومة بالتناوب. وتبادل نتنياهو ولابيد الاتهامات بشأن الانتخابات، حيث صرح لابيد في مؤتمر صحفي أن نتنياهو يحاول تحويل الانتخابات إلى "معركة شخصية وقبيحة بيني وبينه، لكنني لن أسمح بذلك". ومن جانبه، قال نتنياهو أن "لابيد يختبئ، في النهاية هو سيحصل على 25 مقعدا لأنه سيحصل على مقاعد ساعر الذي سيتحطم". وعلى صعيد آخر، دعا ساعر في مقابلة مع صحيفة جورزاليم بوست نتنياهو إلى "التقاعد من السياسة إذا لم يحصل على المقاعد الـ 61 المطلوبة لتشكيل حكومة"، موضحا أنه لا يمكنه "الاستمرار في احتجاز البلد كرهينة". أما رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان فقد حذر من أن نتنياهو يخطط لحدث آخر مشابه لأحداث الكابيتول الأمريكي في حال خسارته للانتخابات. وأوضح ليبرمان أن نتنياهو "لا يهتم إلا بنفسه وغير مهتم بالدولة أو أي شيء آخر"، مضيفا "لدينا فرصة حقيقية للتغيير". وفي خضم كل هذا، يقترب نتنياهو من قضية كان يتجنبها وهي حقيقة أنه بعد 13 يوما من الانتخابات من المقرر أن يمثل أمام محكمة القدس في قضايا الفساد الموجهة ضده، والتي قد يطلب منه المثول أمام المحكمة ثلاث مرات في الأسبوع. وخلال الأشهر الماضية، خرجت مظاهرات أسبوعية ضد نتنياهو تطالبه بالاستقالة من منصبه على خلفية قضايا الفساد وفشل حكومته من التعامل مع أزمة كورونا وما تبعها من أزمة اقتصادية. أما بيني غانتس، وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالتناوب زعيم حزب أزرق أبيض فقال خلال مقابلة مع 12 الإسرائيلية أنه وافق على تشكيل حكومة مع نتنياهو بسبب تفشي مرض فيروس كورونا المستجد. وتم التوصل إلى اتفاق تقاسم السلطة بين نتنياهو وغانتس في إبريل 2020، وأدت الحكومة الائتلافية اليمين الدستورية في مايو 2020، قبل أن تنهار بعد أشهر ويتم الدعوة لانتخابات مبكرة. ووفقا لاتفاق تقاسم السلطة، كان غانتس سيتولى رئاسة الوزراء بديلا لنتنياهو في نوفمبر من 2021، بالإضافة إلى تمرير ميزانية واحدة لمدة عامين (2020 و2021). وفي أعقاب ذلك، اقترح نتنياهو أن يتم تمرير ميزانيتين منفصلتين لكل عام على حدة، الأمر الذي رفضه غانتس وحزب أزرق أبيض. وأضاف غانتس أنه إذا تجاوز نسبة الحسم فأنه سيوصي لمن يمكنه تشكيل ائتلاف ضد نتنياهو سواء كان ساعر أو لابيد أو بينيت أو أي شخص ينجح، مؤكدا أنه سيجلس مع لابيد في حكومة واحدة إذا كان هذا ما يتطلبه الأمر لإسقاط نتنياهو. وشهدت الانتخابات الثلاثة الأخيرة في إسرائيل إقبالا كبيرا بشكل مفاجئ، ومع ذلك فأن استطلاعات الرأي تظهر تراجعا في نسبة الأشخاص الذين سيدلون بأصواتهم في هذه الانتخابات، بسبب تعبهم من تكرار العملية الانتخابية، والإرهاق بعد عام من الأزمة الصحية التي ألمت بإسرائيل. وقالت تمار، تبلغ من العمر 25 عاما وتسكن في مدينة تل أبيب الساحلية لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ما زلت مترددة أن كنت سأنتخب أم لا"، مضيفة "أتمنى فقط أن تنتهي هذه الأزمة السياسية التي تؤثر على البلاد منذ حوالي عامين". أما حاييم، من سكان مدينة حيفا، قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لم نعد نثق بأن تكون هناك حكومة تناوب". وأضاف أثناء عمله في محل لبيع الفاكهة "سأذهب للانتخاب يوم الثلاثاء القادم، وآمل أن نجد حكومة قادرة على الخروج من الأزمات التي عصفت بالبلاد سواء كان من اليمين أو اليسار". وبالنظر إلى وجود عدة أحزاب إسرائيلية على أعتاب نسبة الحسم، فأنه من غير الواضح بعد كيف سيكون شكل الخريطة السياسية لإسرائيل بعد الانتخابات، إلا أنه من غير المستبعد أن تتوجه إسرائيل إلى انتخابات خامسة بعد أشهر قليلة نظرا لعدم وجود مرشح قادر على تشكيل حكومة ائتلافية.
مشاركة :