سقط لبنان في «قاع» الخطر، أمس الإثنين، بحسب تعبير الدوائر السياسية في بيروت والتي ترقبت بحذر انبعاث «الدخان الأبيض» من قصر بعبدا الرئاسي، إيذانا بالإفراج عن مولد الحكومة اللبنانية الجديدة التي باتت محاصرة داخل أسوار «لعبة السياسيين» منذ 6 أشهر.. وبدلا من «تمنيات» ترقب الشارع اللبناني بانبعاث «الدخان الأبيض» خلال اللقاء رقم 18 بين الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، انتهى اللقاء بعد دقائق لم تتجاوز نصف ساعة، وقلب الحريري الطاولة في مواجهة استخفاف رئيس الجمهورية بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف. وبقي لبنان أسير الأزمات «المتفلتة» اقتصاديا واجتماعيا وامنيا وصحيا ..بل وسقط في «قاع» الخطرانكشاف أخطر لعبة تعصف بلبنان وترى الدوائر الإعلامية في لبنان، أنه من المفيد للبنانيين ان يحفظوا جيداً تاريخ أمس الإثنين ( 22 مارس / آذار )، وفيه انكشاف أخطر لعبة تعصف ببلدهم.. وتدفع به إلى الانهيار، بل ربما إلى الدمار، وتحويل معاناة أبنائه، إلى نزيف دائم، في الكهرباء، والدواء، والخبز، والخضار والفواكه الموسمية، والاستشفاء، وفرص العمل، وقيمة الرواتب والأجور. في هذا التاريخ، سجل رئيس الجمهورية استخفافاً بصلاحيات الرئيس المكلف، عبر استمارة تشكيل الحكومة، التي طلب منه تعبئتها، في سابقة، دراماتيكية، على المستوى الدستوري، سرعان ما أثارت حفيظة الرئيس المكلف، فانبرى إلى قلب الطاولة، من على منبر بعبدا. الحريري يروي ما حدث قبل اللقاء رقم 18 وفي المشهد المستجد، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، ما كشفه الرئيس المكلف سعد الحريري بعد اجتماع مع الرئيس ميشال عون، دام أقل من نصف ساعة، من ان الرئيس «أرسل ليّ بالأمس «الأحد» تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها أنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا. وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو !!» الاستخفاف بصلاحيات رئيس الحكومة وأضاف الحريري «بكل شفافية، قلت إنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة. وثانياً، لأن دستورنا يقول بوضوح أن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس. على هذا الاساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ!»ومن باب الأمانة، كان اللقاء رقم 18 تاريخياً، بكل ملابساته، ومقدماته ونهاياته.. وكأن «حبل السرّة» الحكومية انقطع في هذا اللقاء.المواجهة بالتصريحات والاتهامات ودون أن يلتفت أحد إلى معاناة الشعب اللبناني التي بلغت حدا غير مسبوق في تاريخه .. انفلتت المواجهة بالتصريحات بين «الرئيسين»..وجاء في بيان رئاسة الجمهورية: «إن رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول ان رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك ان توقيعه لاصدار مرسوم التأليف هو انشائي وليس اعلانياً، وإلا انتفى الاتفاق وزالت التشاركية التي هي في صلب نظامنا الدستوري وميثاقنا. اما الثلث المعطل، فلم يرد يوماً على لسان الرئيس». وانتهى البيان الى «عدم جواز تحويل الأزمة الحكومية إلى أزمة حكم ونظام، إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها.»ولاحقاً رد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري على بيان بعبدا بالقول: «نأسف بشدة اقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق..» حزب الله يدعم عون ويرى المقربون من مكتب رئيس الحكومة المكلف «سعد الحريري»، أن الرئيس عون وفريقه لم يكن يقدم على هذا العمل ما لم يحظ بدعم مباشر من حزب الله..ونقلت صحيفة اللواء اللبنانية، عن مصادر قيادية في الثنائي الشيعي، أن لا حكومة ستبصر النور ما لم يتفاهم الحريري مع عون ويتنازلا عن الثلث الضامن أو يحصلا عليه سويا. وكشفت المصادر، أن البحث عن أي حل يجب أن يبدأ من تعيين «وزير ملك» في أية حكومة مهما كان حجمها أو شكلها، معتبرة أن توسيع الحكومة لن يحل المشكلة ، وأن الرئيس عون من حقه الحصول على الثلث الضامن بمعزل عن حليفه حزب الله. وهكذا ..للمرة الاولى، يجري الحديث علنا عن تأييد شيعي للرئيس ميشال عون في مسالة الثلث الضامن..وكشفت المصادر، أن تشكيل الحكومة سيطول اذا لم يقتنع الحريري انه لا يمكن تهميش عون ودوره وموقعه، مؤكدة نقلا عن حزب الله ممانعته تهميش حليفه والتعامل معه بطريقة استعلائية كالتي تصرف بها الحريري سابقا حين طلب منه تسمية وزيرين مسيحيين فقط.قلق أمريكا وفرنسا وعقب فشل اللقاء 18 ، دعت وزارة الخارجيّة الأميركية «القادة اللبنانيين إلى وضع خلافاتهم جانباً والإسراع بتشكيل الحكومة». وقد أشارت الوزارة إلى أن «المسؤولين الأميركيين قلقون حيال تطورات الوضع في لبنان وعجز القيادة فيه». من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن هناك اجماعاً دولياً على ضرورة اجراء اصلاحات جادة لانقاذ لبنان من الانهيار.. وقال إن «الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار»، معرباً عن إحباطه من الجهود الفاشلة لتشكيل الحكومة.
مشاركة :