مصادر ليبية لـ {الشرق الأوسط}: خلافات بين حفتر والثني بسبب إقالة وزير الخارجية السابق

  • 9/17/2015
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

تعقد الموقف السياسي في ليبيا أمس بشكل مفاجئ، بعدما كشفت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن ظهور توتر جديد في العلاقات بين رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني وقائد الجيش الليبي الفريق خليفة حفتر، إثر إقالة محمد الدايري وزير الخارجية من منصبه، وصلت إلى حد اتهام الثني لحفتر بالمسؤولية عن منعه أول من أمس من مغادرة مطار الأبرق الدولي شرق البلاد، لحضور مؤتمر نفطي في مالطا. وقالت المصادر التي طلبت عدم تعريفها إن منع الثني من السفر واحتجازه لبعض الوقت ومعاملته بطريقة «غير لائقة» تتضمن ما وصفته بالإهانة والتجريح، تأتي على خلفية تعيينه لحسن الصغير في منصب الدايري، الذي أوقفته هيئة الرقابة الإدارية عن عمله بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية. وأوضحت المصادر أن الدايري المقال من منصبه يعتبر من أبرز المقربين في حكومة الثني للفريق حفتر، الذي عينه البرلمان قائدا للجيش العام الماضي، مشيرة إلى أن لدى حفتر مخاوف من إمكانية حدوث هروب جماعي لأعضاء الحكومة التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا مقرا لها، حال إخفاق مفاوضات السلام المتعثرة التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة، وانتهاء فترة الولاية القانونية لمجلس النواب. وتعد هذه ثالث مرة يتم فيها منع الثني من الصعود إلى طائرته في رحلات رسمية للخارج، حيث سبق أن منعه رجال الأمن من مغادرة مطار الأبرق للقيام بزيارة رسمية إلى تونس في مارس (آذار) الماضي، علما بأن الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مطار معيتيقة، القريب من مطار طرابلس الدولي، منعته أيضًا من السفر إلى مدينة طبرق في أبريل (نيسان) من العام الماضي. ويعتبر الثني ثاني رئيس للحكومة المعترف بها دوليا يتم منعه على أيدي مسلحين من السفر، إذ سبق أن منع مسلحون سلفه علي زيدان من مغادرة البلاد، كما تعرض لعملية اختطاف مثيرة للجدل دامت بضع ساعات قبل هروبه الأخير إلى ألمانيا بعد الإطاحة به من منصبه. من جهتها، قالت حكومة الثني في بيان رسمي أصدرته أمس إن «قوة مسلحة اعترضت طائرته بمدرج لمنعه من السفر وأغلقت بوابة المطار ومنعته من الخروج، بدعوى أن لديهم أمرا بالقبض على رئيس الحكومة من القيادة العامة للجيش (يرأسها حفتر)، ومنعت موكبه من الخروج حتى تدخلت قوة أخرى وأجبرتهم على التراجع». ولفتت حكومة الثني إلى أن المجموعة المسلحة أصرت على منع الطائرة من الإقلاع تنفيذا لتعليمات قائد أركان القوات الجوية العميد صقر الجروشي، مشيرة إلى أن هذه المجموعة تمردت على تعليمات عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، الذي يعتبر أيضًا القائد الأعلى للجيش، والتي حمل فيها مسؤولية منع الثني لآمر قاعدة الأبرق الجوية. وعدت الحكومة أن «هذه الممارسات المحسوبة على جهة كانت تظنها تابعة لمجلس النواب مثل ما هي تابعة له»، لافتة إلى أنها «ممارسات تدل على تمرد حقيقي على دولة المؤسسات التي ضحى من أجلها الليبيون»، كما وصفت هذه التصرفات بأنها «لا تختلف عن التصرفات التي كانت تمارسها الميليشيات المارقة على الحكومات السابقة في العاصمة طرابلس». وأضافت الحكومة أن «الثني صعد إلى الطائرة قبل أن يجبر على النزول منها، في الوقت الذي أطلق فيه المسلحون الرصاص على المدرج». وكان الثني قد نجا في مايو (أيار) الماضي من محاولة اغتيال أثناء خروجه من مقر مجلس النواب في مدينة طبرق، عقب تأجيل جلسة مساءلة بعد أعمال شغب وقعت خارج المقر. واستغل خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، هذه الخلافات ليعلن أمن واستقرار ليبيا عامة، والعاصمة طرابلس خاصة، كونها تضم المؤسسات السيادية للدولة الليبية التي هي ملك لكل الليبيين. وشدد الغويل في كلمة متلفزة مساء أول من أمس على أن «كل من تسول له نفسه المساس بالمصالح العليا للوطن، والتعدي على السلطات الشرعية ومؤسسات الدولة، سيواجه بكل حزم»، وقال إن أبناء الوطن لن يسمحوا لمن سماهم بالانقلابيين والمغامرين والمراهقين سياسيًا، وأصحاب الأجندات الخاصة، ومن تحركهم قوى خارجية بالقفز على مقدرات الليبيين، والعمل ضد طموحاتهم المشروعة في بناء دولة العدل والقانون والتداول السلمي على السلطة، مهددا بأن «أي تجمعات أو اجتماعات خارج الشرعية تعد غير مشروعة، وتعرض كل من شارك فيها للعقوبات القانونية الصارمة». كما دعا الغويل مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون إلى عدم تجاوز مهامه في رعاية المفاوضات القائمة بين أطراف النزاع في ليبيا. في غضون ذلك، استأنف ليون أمس في منتجع الصخيرات بالمغرب مشاوراته مع الأطراف الليبية في محاولة لتدارك قرار مجلس النواب (برلمان طبرق) بسحب فريقه من محادثات السلام بسبب تعديلات أدخلت على مسودة اتفاق يهدف إلى إنهاء الصراع. وكان ليون قد دعا الليلة قبل الماضية طرفي الأزمة الليبية للعودة إلى الصخيرات لإتمام عملهما على مسودة الأمم المتحدة الأخيرة بهدف إنهاء الصراع، والتي أعلن بيان متلفز صادر عن برلمان طبرق رفضها. وقال ليون في تصريحات صحافية: «نحن نواصل حث الطرفين على العودة إلى الصخيرات ليواصلا عملهما، لأنه لا طرابلس ولا طبرق اختتما النقاش، لكن نأمل أن تكون نتيجة النقاش إيجابية ويعود الطرفان» إلى الصخيرات. وجاءت تصريحات ليون عقب إعلان برلمان طبرق المعترف به دوليا الثلاثاء في بيان متلفز رفضه مسودة اتفاق السلام الجديدة التي أدخلت عليها بعثة الأمم المتحدة تعديلات، طالب بها البرلمان الموازي غير المعترف به في العاصمة طرابلس. لكن ليون قال أيضًا: «لا أظن أن طبرق رفضت مقترحنا، فحسب معلوماتي لم يكن هناك نصاب، والأمر يتعلق فقط ببيان مدعوم من طرف بعض النواب، وهو ما ليس كافيا ليحقق التوافق داخل البرلمان، كما أنه في جهة طرابلس هناك عدد مهم من النواب يساندون الاتفاق، والنقاش ما زال مفتوحا، وهو أمر عادي في أي مفاوضات». وأضاف ليون أن «الطرفين مدعوان للتصويت بـ(نعم) أو (لا) على هذا المقترح، وعليهم أن يتخذوا القرار وليس نحن، فنحن قدمنا المقترح على الطاولة، وبإمكانهم القبول أو الرفض». وتوقع ليون عودة وفد المؤتمر الوطني العام ووفد برلمان طبرق إلى منتجع الصخيرات مساء أمس الأربعاء أو اليوم الخميس «على أبعد تقدير»، موضحا أن «الرأي السائد في حالة الطرفين هو الالتزام بالحوار». وإلى جانب رفضه تعديل المسودة، أعلن برلمان طبرق «استدعاء فريق الحوار في الصخيرات للعودة فورا إلى مجلس النواب»، في إشارة إلى ممثليه الذين يوجد بعضهم في منتجع الصخيرات، لكن ليون استبعد عودتهم قائلا: «لا أظن أنهم سينسحبون». وكانت الأمم المتحدة مدعومة بالسفراء والمبعوثين الخاصين إلى ليبيا قد حددت تاريخ 20 سبتمبر (أيلول) كتاريخ نهائي للاتفاق على المسودة، وإنهاء النزاع الدائر منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011. وتمنى ليون أن يتم هذا الأمر في الوقت المحدد، محذرا من أن تجاوز ذلك إلى ما بعد تاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو تاريخ تنتهي معه ولاية برلمان طبرق، سيخلق حالة من الفراغ السياسي، خصوصا في ظل تنامي تنظيم داعش وتفاقم أزمة الهجرة.

مشاركة :