السوار الإلكتروني أحد وسائل إصلاح السجون في مصر لتخفيف الضغوط الخارجية

  • 3/28/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - حظي مقترح تقدمت به قبل أيام برلمانية مصرية مؤخرا بتركيب سوار إلكتروني في أقدام المحبوسين احتياطيا من سجناء الرأي والمحكوم عليهم بعقوبات بسيطة لمراقبتهم بعيدا عن السجون، بترحيب دوائر حقوقية وأمنية رأت فيه فرصة مناسبة لتخفيف الضغوط الخارجية في ملف المعتقلين، وكونه ضرورة لإصلاح أوضاع السجون والبنية التشريعية المرتبطة بحالات الحبس الاحتياطي. وقالت عضو مجلس النواب (البرلمان) عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض) سميرة الجزار إنها بانتظار مناقشة مقترحها الأيام المقبلة والذي تقدمت به في مجلس النواب منذ خمسة أيام، ويتطلب تعديلا في قانون الإجراءات الجنائية بإضافة نص لاستخدام المراقبة الإلكترونية في قانون العقوبات، إلى جانب عقوبة السجن التي لا تتجاوز السنة الواحدة، وترك الحرية للقاضي بالحكم بين العقوبتين. وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن “المقترح يحدّ من ظاهرة ازدحام السجون، ويقف حائلا أمام منع تعرض الأشخاص غير الخطرين للعزلة الاجتماعية، ويعد أفضل وسيلة للتعامل مع الآلاف من الغارمات اللاتي من الممكن استبدال عقوبة الحبس بحقهن إلى دمجهن في أعمال اجتماعية ومراقبتهن إلكترونيا”. وتطبق عدد من الدول الغربية السوار الإلكتروني منذ ثمانينات القرن الماضي، وتوسعت العديد من الدول في استخدامه، وبالتالي فهي عقوبة متفق عليها دوليا ويشكل تطبيقها في مصر أحد عوامل حسن النوايا تجاه إصلاح الملف الحقوقي. وتنطلق الفكرة من وضع السوار في قدم المتهم وتزويده بإمكانات تقنية، بينها شريحتا اتصال تسمحان بتتبع حركة الشخص، ومعرفة السرعة التي يتحرك بها، ومدى انحرافه عن مساره المعتاد أو ابتعاده عن نقطة بعينها. وحظيت النائب بدعم حزبها وعدد من النواب الذين دعوا إلى مناقشة المقترح في البرلمان، وسط حراك يشهده على مستوى لجنة حقوق الإنسان التي استمعت مؤخرا لمقترحات بشأن تعديل قانون الحبس الاحتياطي، وتتركز عليه انتقادات دولية موجهة إلى مصر. وأخذت الخطوة زخما إعلاميا وحقوقيا، إذ جاءت بعد أيام قليلة من بيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وحمَل توقيع 31 دولة، أعربت فيه عن قلقها من وضع حقوق الإنسان في مصر، وحث السلطات على “إنهاء استخدام تهم الإرهاب لإبقاء نشطاء المجتمع المدني في الحبس الاحتياطي المطول”. ويرى مراقبون أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصاعد الهجمات ضدها، وأدركت أن أسرع الطرق للتعامل مع الضغوط الخارجية حيال الحقوق والحريات يتطلب اتخاذ خطوات إجرائية تجاه الملفات التي تنبع منها الاتهامات، وإن كانت تحركاتها على نحو بطيء، لكن في النهاية تثبت تجاوبها مع توالي الانتقادات. وأرسلت الحكومة العديد من الإشارات عبر إثارة هذا النوع من الاقتراحات بعد أن جرى النقاش على مستوى دوائر محلية أخيرا، وتبرهن أنها منفتحة على المعارضة التي لديها رؤى إصلاحية، ودعمت تواجدها في البرلمان عبر القائمة الحزبية الموسعة (القائمة الوطنية من أجل مصر)، لتدحض بذلك بعض الاتهامات الحقوقية والسياسية. وأوضح محمد نورالدين مساعد وزير الداخلية الأسبق لـ”العرب” أن المقترح قابل للتطبيق في مصر وهناك بنية إلكترونية تتمتع بها الدولة وصلت مؤخرا إلى وزارة الداخلية، ويمكنها أن تراقب المتهمين إلكترونيا، ”ولا يزال المقترح يخضع للعديد من النقاشات الأمنية بشأن إمكانية تنفيذه”. وأكد أن السجون المصرية مكتظة بالمحبوسين، والأمر يرجع إلى قوانين العقوبات التي تتوسع في توقيع عقوبة الحبس، في حين أنها قد تبدو جرائم لا تشكل خطورة داهمة على المجتمع مثل مخالفات المباني وسرقة التيار والمشاجرات البسيطة وسجناء الرأي، وسوف يكون مطلوبا استبدال عقوبة الحبس بأيّ عقوبات أخرى. وتبدو الحكومة المصرية في طريقها للاستجابة لبعض ملاحظات منظمات حقوق الإنسان على مستوى حالة السجون، وتمضي في طريقها نحو تضييق حالات الحبس الاحتياطي وتطبيقها على المتهمين في جرائم ذات خطورة داهمة، وتخشى من إمكانية الهروب خارج البلاد، مع وضع حالات من الرقابة على المتهمين في قضايا لا يؤثر الإفراج عنهم على سير التحقيقات. وتجمع دوائر أمنية على أن هناك تكدسا في السجون يفوق الطاقة الاستيعابية. وفيما أسهم توالي قرارات الإفراج الرئاسي في الحد من التكدس، إلا أن هذه القرارات ليست حلا كافيا، وثمة حاجة لتغيير فلسفة العقوبات الموقعة في جرائم لا تمثل خطرا على المجتمع، مع مضاعفة كفالة الإفراج على ذمة القضية بدلا من تعرض المتهمين لعمليات أدلجة فكرية قد تحولهم إلى قنابل موقوتة عقب انتهاء مدة عقوبتهم. وحسب تقرير نشره “المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية” الأسبوع الماضي فإنه جرى الإفراج عن 56 ألف سجين بموجب عفو رئاسي ‏منذ 2015 وأن قطاع السجون أفرج عن 21 ألف نزيل العام الجاري، علاوة على العفو الرئاسي عن 13 ‏ألفا آخرين العام الماضي، وقبول 2373 طلبا لتقريب سجناء من ذويهم. ويشير حقوقيون إلى أن رؤية الحكومة لتحسين أوضاع السجون لا تركز على فئة المحبوسين على ذمة قضايا رأي، وهناك أبعاد سياسية كثيرة تعترض حالات الإفراج عن هؤلاء، وبالتالي فالانتقادات ستظل مستمرة ما لم تكن هناك تصفية حقيقية لهذا الملف، خاصة أن الحكومة تعتقد أن لديها مبررها الذي يجعلها تأخذ المزيد من الحذر بشأن هؤلاء بما لا يؤدي إلى تهديد الأمن الداخلي. ولفت رئيس المنتدى العربي والأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف أيمن نصري إلى أن المحبوسين سياسيا لا يمثلون خطرا على المجتمع مثلما هو الحال إلى جرائم القتل والمخدرات والإرهاب، وهو ما يساعد الحكومة على تطبيق السوار الإلكتروني عليهم حال أثبتت الدراسات الأمنية إمكانية تنفيذه داخل مصر. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن ”تكاليف تنفيذ المقترح مرتفعة للغاية، وستكون هناك حاجة من المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني للمساهمة في الدفع نحو تنفيذه، وتقديم المزيد من الحوافز التي تساعد الحكومة للإقدام على تلك الخطوة، مع أهمية أن يخضع لحوار موسع يؤدي إلى تطبيقه على أساس توافقي حقوقي وسياسي، يصطحب معه تأثيرات إيجابية على مستوى صورة مصر في الخارج”.

مشاركة :