القاهرة 30 مارس 2021 (شينخوا) أشاد خبراء مصريون بتجربة الصين في القضاء على الفقر، مؤكدين أنها تجربة رائدة وملهمة لدول العالم المختلفة وخاصة الدول النامية. جاء ذلك خلال ندوة نظمها مركز التحرير للدراسات والبحوث، بمكتبة مصر العامة تحت عنوان "التجربة الصينية في القضاء على الفقر.. دروس ودلالات"، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين والأكاديميين والباحثين والمهتمين بالشأن الصيني. وتناولت الندوة التعريف بطبيعة وظروف الفقر التي مرت بها الصين، والسياسات والأساليب التي انتهجتها الحكومة الصينية للقضاء على ظاهرة الفقر، وأسباب نجاح الصين في التعامل مع الفقر، إمكانية الاستفادة من هذه التجربة في القضاء على الفقر في دول العالم الأخرى وأهم الدروس المستفادة منها، وأهم الأثار الاقتصادية والاجتماعية المحلية والدولية. وأكد السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق ببكين، أن تجربة الصين في القضاء على الفقر رائدة ونجاح يضاف لسلسلة النجاحات التي حققتها الصين على امتداد تاريخها الحديث، خاصة منذ تأسيس جمهورية الصين، وتأسيس الحزب الشيوعي الذي يحتفل هذا العام بمئويته. وقال الحفني، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) على هامش الندوة، إن ما حدث من الصين في هذا الإطار يعد اعجازا، مؤكدا أن القضاء على الفقر لنحو 800 مليون نسمة خلال سنوات محدودة للوصول إلى صفر فقر، إن دل على شيئ فإنما يدل على مدى الجهد الخارق الذي تم بذله على امتداد هذه السنوات. وأشار إلى أن الصين سخرت كل إمكانيات وقطاعات الدولة لانتشال المواطنين الذين عانوا من الفقر وبصفة خاصة في الريف والانتقال بهم على مستويات أفضل، وهو الهدف الذي سعى إليه الحزب الشيوعي الصيني لتحقيق مجتمع رغيد. وأكد حرص الحكومة الصينية على أن تكون التنمية ومجتمع العيش الرغيد في كل الصين دون تفرقة بين مقاطعات وبعضها وبين المدن والريف، وهذا يؤدى إلى الصب في صالح تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي، وسارع من وتيرة التنمية هناك. ونوه بأن التجربة الصينية ليست ملهمة للدول النامية فحسب، وانما أيضا للدول المتقدمة التي باتت تخضع التجربة الصينية للدراسة والبحث للاستفادة منها في زيادة معدلات النمو والتنمية. وأعلنت الصين مؤخرا انها حققت انتصارا كاملا في معركتها ضد الفقر، قائلا إنه تم القضاء على الفقر المدقع في أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. من جانبه، أكد الدكتور ناصر عبدالعال أستاذ اللغة الصينية بجامعة عين شمس، المستشار السياحي السابق بسفارة مصر ببكين، أن تجربة الصين "ثرية وغنية" في القضاء على الفقر، مشيرا إلى أن هذا الأمر مرتبط بسياسات الصين منذ تأسيسها العام 1949. وقال عبدالعال لوكالة أنباء ((شينخوا)) على هامش الندوة، إن ما يميز التجربة الصينية أن الشعب كان هو الهدف الرئيسي للقائمين على الحكم والذين يمثلهم الحزب الشيوعي من خلال تحسين مستوى معيشة الشعب، وهو ما يعني القضاء على الفقر. وأوضح أن محاربة الفقر لا تقوم على تقديم مساعدات لقطاع من الناس، كما يحدث في كثير من دول العالم، ولكن من خلال سياسات عامة وخطط تنفيذية محكمة لتحقيق الأهداف المرجوة منها إلى القضاء على الفقر في اطار الخطة التنموية. وأشار إلى أن القيادة الصينية وضعت معايير الدقة للتعامل مع الفقر، وتحديد من يكون الفقير، ثم كيفية التعامل مع الفقير، ومن ثم وضع الخطط في التعامل مع هذه الحالة من خلال تحديد مراكز بيانات لمناطق الفقر والفقراء ومن ثم الوصول إليهم والتعامل معهم بما يتناسب مع بيئة وظروف كل منطقة، أو نقل الكوادر القادرة على العمل إلى المناطق الاقتصادية المتقدمة لرفع مستوى المعيشة. بدوره، قال حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير مجلة الصين اليوم (الطبعة العربية)، إن الصين اتبعت أسلوب التنمية لمواجهة ظاهرة الفقر، موضحا أن الحكومة الصينية لم تقم بمساعدة الفقراء من خلال تقديم الدعم المادي أو العيني للفقراء، وانما من خلال تنمية تنتشل الفقراء. وأضاف إسماعيل، في كلمته بالندوة التي نظمها مركز التحرير للدراسات والبحوث، أنه من الصعب تناول التجربة الصينية في القضاء على الفقر، لافتا إلى أن كل ما يحدث هو مجرد قراءة في السطر الأخير للحالة الصينية وهو نجاحها في القضاء على الفقر. وأوضح أن الصين نجحت رغم كل الصعوبات في تحقيق الهدف المئوي الأول بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني الذي يوافق العام الحالي، ويتمثل هذا الهدف في "انجاز مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل". واستعرض الظروف المعيشية التي عانى منها المواطنون الصينيون تحت وطأة الفقر، وكذلك المراحل التي مرت بها الصين في سبيل تعاملها مع أزمة الفقر وجهود القضاء عليه، عبر الفترات التاريخية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية. أما الدكتور أحمد السعيد رئيس مؤسسة بيت الحكمة للثقافة، فقد أكد أن تجربة الصين في القضاء على الفقر لا يجب النظر إليها بعين اليوم، وانما يجب النظر اليها من منظور تاريخي، مشيرا إلى أن الصين الجديدة منذ تأسست العام 1949 وإلى الأن وهي تنتهج نفس النهج مع بعض التغيرات الطفيفة التي لا يشعر بها المتلقي الخارجي. وشدد على أن السبب الرئيسي في نهضة الصين ونجاحها في القضاء على الفقر يرجع بالأساس إلى الثقة الهائلة المتبادلة بين الحكومة والشعب في الصين، والمتمثل في أن الحكومة تضع نصب أعينها مصلحة الشعب وتعمل من أجله، والشعب يثق في أن القرارات التي تتخذها الحكومة هي من أجل تحقيق مصالحه. ولفت إلى أن ما تحقق في الصين هو معجزة بكل المقاييس، وأن المحصلة الطبيعية لذلك هو أن الاقتصاد الصيني هو الاقتصاد الوحيد خلال العام 2020 الذي لم يحقق انكماشا. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، تم انتشال 98.99 مليون من سكان الريف الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر الحالي من براثن الفقر، وتمت إزالة جميع المحافظات الفقيرة البالغ عددها 832 محافظة و128 ألف قرية فقيرة من قائمة الفقر. وساهمت الصين بأكثر من 70 في المائة من الحد من الفقر العالمي خلال نفس الفترة.
مشاركة :