قانون مكافحة التطرف وجرائم الكراهية يدخل حيز التنفيذ في ألمانيا برلين - لم تمر التهديدات التي قامت بها جماعات متطرفة لبعض السياسيين ومحاولات العنف المتكرر التي شهدتها ألمانيا مؤخرا، دون أن تُحدث ردة فعل دفعت السلطات التشريعية لإقرار قانون أكثر صرامة لردع تصاعد التطرف والعنف والكراهية في البلاد. وجعل تصاعد التطرف والكراهية والترهيب والتهديد خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الخطاب السياسي العام وتبادل الآراء مرتبطا بالخوف والقلق، مما يهدد حرية التعبير عن الرأي في ألمانيا والتي يصونها الدستور. وأعلنت الحكومة الألمانية أن القانون الجديد لمكافحة التطرف وجرائم الكراهية، سيدخل حيز التنفيذ في الـ3 من أبريل تزامنا مع عيد الفصح. وقالت وزيرة العدل الألمانية كريستينا لامبرشت إن من ينشر رسائل كراهية على الإنترنت ويهدد أشخاصا، يجب أن يتوقع رفع دعاوى ضده وإدانته. وتابعت “اعتبارا من الآن يمكن للشرطة والقضاء اتخاذ إجراءات كثيرة جدا أكثر حسما ضد أي أشكال تحريض. إننا نزيد الردع ونزيد الضغط بشكل واضح”. ووافق البرلمان الألماني (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات) على القانون بالفعل في الصيف الماضي. ولكن لم يوقعه الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إلا هذا الأسبوع؛ لأنه كان لابد من المصادقة في البداية على لائحة جديدة بشأن الوصول إلى بيانات مستخدمي الهواتف الجوالة. وأكدت لامبرشت أن الكراهية على الإنترنت صارت أكثر عدائية خلال تفشي وباء كورونا، مقارنة بما كانت عليه قبل ذلك وصارت غالبا عنصرية ومعادية للمرأة أيضا، وقالت “إنه تهديد خطير لمجتمعنا الديمقراطي، إذا تمت مهاجمة أشخاص بسبب أسمائهم أو مظهرهم، أو إسكاتهم لأنهم يعبرون عن أنفسهم سياسيا أو علميا أو لديهم التزام مجتمعي”. والآن يواجه أي شخص يتعدى على آخرين بإهانات على الإنترنت عقوبة السجن لمدة تصل إلى عامين. ويصل إطار العقوبة في حالات التهديد بالقتل أو الاغتصاب على الإنترنت إلى السجن لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام. من يهين الآخرين على الإنترنت سيواجه السجن لمدة عامين، وفي حالات التهديد بالقتل تصل العقوبة إلى ثلاثة أعوام واعتبارا من شهر فبراير عام 2022، سيتعين على مواقع التواصل الاجتماعي ألا تلتزم فقط بحذف تهديدات القتل والاغتصاب وغيرها من خطابات الكراهية، وإنما يتعين عليها أيضا إخطار الهيئة الاتحادية لمكافحة الجرائم. ولتحديد هوية الجناة بصورة أسرع، يلزم القانون كذلك هذه الشبكات بإعطاء عنوان المعرف الرقمي الخاص بصاحب المنشور إلى الجهات المختصة. وفي حالات الجرائم الشديدة، مثل الإرهاب أو جرائم القتل، سيُسمح للسلطات المختصة بطلب الحصول على كلمة المرور من هذه الشبكات بناء على قرار قضائي. وإذا كانت كلمات المرور مشفرة، فسيُجرَى نقلها إلى السلطات. ويثير القانون الجديد على الطرف الآخر مخاوف من تدخل السلطات في حريات الأشخاص تحت ذريعة مكافحة التطرف والكراهية. حيث يسمح القانون الجديد للسلطات الفيدرالية في ألمانيا بالوصول إلى الحسابات الإلكترونية للأشخاص الذين تم رصد كتابات متطرفة من قبلهم، وهذا الأمر يجعل الحريات والبيانات الشخصية عرضة لخطر إساءة استعمال السلطة. كما تم انتقاد تشديد العقوبات على أفعال تتعلق بالتعبير عن الرأي والنقد عبر المنصات الاجتماعية، وهذا ما عبر عنه المختص بعلم الإجرام من جامعة ليدز أندرياس أرمبورست بالقول إن “حل النزاعات الاجتماعية لا يمكن أن يتم من خلال تشديد العقوبات الجنائية”. وتبذل ألمانيا جهودا حثيثة على مستوى ترسانتها القانونية وطاقمها الاستخباراتي لمكافحة تنامي التطرف اليميني داخل مؤسساتها، في وقت تتالت فيه التحذيرات السياسية من تداعيات ذلك على الأمن القومي وقيم التعايش داخل مجتمع متعدد الأديان والثقافات. وارتفع عدد الجرائم التي ارتكبها متطرفون يمينيون في ألمانيا إلى أعلى مستوياته منذ أربع سنوات على الأقل في عام 2020، وفق أرقام سجلتها الشرطة المحلية. وكشفت يترا باو نائب رئيس البرلمان الألماني الذي يطلب حزبه اليساري المعلومات بانتظام من وزارة الداخلية، أن الشرطة “سجلت 23080 جريمة ذات طبيعة يمينية متطرفة العام الماضي” (نحو أكثر بـ700 جريمة من العام السابق لـ2020). وأشارت باو إلى أنها “لم تتفاجأ” بالأرقام الحديثة، وقالت “قبول العنف كبديل للسياسة آخذ في الارتفاع”. وأضافت أن أزمة فايروس كورونا كانت بمثابة “داعم” لجرائم اليمين المتطرف، بنفس الطريقة التي كانت عليها أزمة اللاجئين في عامي 2015 و2016. وتشمل الأرقام المؤقتة للعام 2020، 1054 جريمة عنف، أدت إلى إصابة 307 أشخاص على الأقل. ويعد عدد هذه الجرائم هو الأعلى منذ العام 2016.
مشاركة :