أبوظبي - يمنح جناح البيئة البدوية في "أيام الشارقة التراثية" بالإمارات الزائر فرصة لتثبيت الزمن وإعادة اكتشاف الذات الإنسانية في بساطتها . فعلى يمين المدخل الذي يقود الزائر إلى نبض مجتمع البداوة يقف راعي الإبل إلى جانب ناقته ويتأمل الوجوه بفراسته المتوارثة . ولا ضجيج في مضارب البادية لأن في الصمت حكمة ولأن القهوة تنتظر على نار هادئة بالقرب من البساط المغزول من شعر الماعز ومن تلك الخيوط أيضاً يغزل "الزربول" الذي يلبس في القدم لاتقاء حرارة الرمال ويصنع الخزام الذي يوضع على الرأس مثل العقال لتثبيت الغترة. لقد اعتمد تصميم جناح البيئة البدوية على المحاكاة الواقعية فهناك الأرضية الرملية التي تخلق انطباعاً يساعد على تخيل طبوغرافيا البادية فيصبح الوقوف على حافة البئر المحاطة بالرمال رسالة واضحة تنبه الزائر إلى القيمة التي يمثلها الماء للإنسان والحيوان والنبات ولا تشد الرحال في البيئة البدوية إلا إذا جف المرعى وشحت المياه أو ارتحل الأهل ولا بد من اللحاق بركبهم. ويركز الزوار عدساتهم على بدوي يحمص حبات القهوة، يحركها كما لو أنه يحصي عدد حباتها السمراء الداكنة وكلما تهيأت وأصبحت جاهزة لسحقها مع حبات الهيل تتزايد عدسات الكاميرات المسلطة على ركن القهوة حينها تفوح رائحة الضيافة العربية بكامل أصولها وطقوسها. ويرفع المهرجان شعار "التراث الثقافي يجمعنا"، ويمد جسور التواصل بين الشعوب لحماية التراث والاحتفاء به باعتباره لغة إنسانية جمالية توحد الشعوب. تحوّل "أيام الشارقة التراثية" في دورتها الـ18 ساحات وبيوت منطقة "قلب الشارقة" والمنطقة التراثية في مدينة خورفكان إلى كرنفال للاحتفاء بالتراث الثقافي لـ29 دولة عربية وأجنبية. وتجمع التظاهرة على مدار 21 يوماً من 20 مارس/آذار إلى 10 إبريل/نيسان مجموعة من الفرق الفنية ومقدمي العروض التراثية وأصحاب الحرف والفنون التقليدية المتخصصة بالأزياء والمجوهرات وفنون الطهي، وتتيح أمام الجمهور فرصة متابعة أكثر من 500 فعالية تراثية وثقافية من مختلف أنحاء العالم.
مشاركة :