جميلٌ جدا أن تشاهد بعض الشباب والشابات يتجولون في المكتبات ومعارض الكُتب هنا وهناك، وينتقون ما يُقارب رغباتهم التي تتشابه إلى حدٍ ما في تحقيق أهدافهم وتوجهاتهم الثقافية والأدبية والتاريخية من قصص وروايات وأشعار، وينهلون من العلم والمعرفة، وهذا أمرٌ صحي ورائع وجيد أن ترى شبابنا من الجنسين يثقفون أنفسهم ويطلعون على تجارب الآخرين في جميع مناحي الحياة. وبهذه الطريقة ستكون بارعا في علمك وثقافتك واطلاعك وتوسع مداركك بالقراءة الدائمة لكل ما يقع تحت يديك وبمتابعتك لكل جديد، حتما سيكون لديك إرث ثقافي وأدبي يساعدك في تحقيق أهدافك وفلسفتك في الحياة، ويكون لك خط خاص بك يعرفك به الناس من خلال ما تكتب لهم وما تُحدثهم به. من الملاحظ أن البعض منهم يعتمد على كتب تفتقد القيمة الأدبية والثقافية والعلمية، وهي –للأسف- أكثر المبيعات في عالم الكتب، ولها عناوين لافتة للمبتدئين: كيف تصبح مثقفا في ثلاثة أسابيع؟ كيف تستطيع التغلب على نفسك؟ كيف تكون شُجاعا؟ كيف تُلفت انتباه الآخرين؟ كيف تطور ذاتك؟ كيف تكون غنيا في أسبوع؟ إلى غيرها من الكتب ذات الوهج الإعلاني والعناوين العريضة التي وجدت لها رواجا بين الشباب، وكلنا يعلم أنها عناوين جاذبة للانتباه وقليلة القيمة الأدبية والمعرفية، وهذا نوع من التسويق والتشويق لزيادة المبيعات والمردود المالي، وهذا هو المهم بالنسبة لكثير من المكتبات والشركات المسوقة لكثير من الكتب. ومن وجهة نظري أنها لا تقدم ولا تؤخر ولكنها أبواب رزق من جيوب المساكين والباحثين عن تحقيق الأحلام السريعة، وبأقصر الطرق والمسافات، استعجالا لثقافة اليوم الواحد وتطوير الذات خلال أسابيع بل أيام معدودات. لو كان الأمر بهذه السهولة لما كان هناك تميز وتحدٍ وكفاح ولا جهود تُبذل بعدد سنوات العمر أحيانا يقضيها العالم أو الأديب أو المثقف والمفكر، للخروج باختراع معين أو بفكرة تنير الدروب للبشرية وتفتح الآفاق للعالم ليكون للأفضل دائما. وحتى تتحقق تلك الأهداف والرغبات ويكون هناك طعم خاص للعلم والمعرفة والثقافة ولتحقيق الأحلام، فلابد من سهر الليالي والصبر والكفاح والتضحية بالوقت والمال والسفر والانكباب على أمهات الكتب والتلخيص لها وشم رائحة الأوراق والصحف والقراءة العميقة، فعندها ستتحقق تلك الأماني بعد عشرات السنين من الجهد المضني، لتكون مثقفا وأديبا ومفكرا لامعا وعالما يشار له بالبنان. فعليك أيها الباحث عن العلم والمعرفة والثقافة أن تتحلى بالصدق والصبر والأناة والتعمق في القراءة ثم القراءة ثم القراءة، وكن فضوليا لآخر لحظة في عالم العلم والمعرفة لترتقي وتتعلم.
مشاركة :