في الوقت الذي تقف فيه المرأة خلف نجاح شريكها الحياتي وتسهم في بناء عظمته، يثبت الواقع أن قلة من النساء وصلن إلى مستويات متقدمة من النجاح بدعم رجل، وأعني بالرجل هنا شريك الحياة على وجه الخصوص، الذي قد يقف ضد سيرها ولو بكلمة محبطة أو بقرار قطعي يمنع عنها مواصلة السير نحو النجاح. الزوجة الناجحة تشكل هاجسا مخيفا للزوج فهي تشعره بالنقص حتى وإن كان ناجحا، فمن الناحية الفسيولوجية يعجب الرجل بالمرأة الذكية والناجحة والقوية ما دامت بعيدة عنه، أما كزوجة فهو يفضل المرأة العادية التي لا تتفوق عليه بشيء. فهو هنا لا يعيق نجاحها متعمدا وإنما لاعتقاده أنها لا ينبغي أن تتفوق عليه، والمرأة حين تصل إلى درجات متقدمة من النجاح في مهمتها التربوية أو الأسرية أو العملية أو العلمية فهي لم تصل إليها بسهولة، فقد وصلت بعد كسور مؤلمة استوطنت روحها، وتجاوزت عقبات متعددة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. ويثبت الواقع أن معظم النساء اللاتي وصلن إلى قمم النجاح كان الانكسار والعقبات والألم دافعا لهن، فالمرأة حين تمر بتجربة سلبية خاصة على الصعيد العاطفي تكون أمام مفترق طرق، فإما أن تستسلم لتلك العقبات وتصبح صفرا لا يذكر وإما أن تتحدى كل شيء وتواصل السير حتى الوصول إلى القمة. ويدرك الرجل هذه الحقيقة التي تجعله متوجسا من نجاحها الذي قد يكون سببا في قوتها العاطفية وعدم احتياجها إليه، وهذه ليست قاعدة ثابتة هي مجرد رؤية شخصية تحتمل الخطأ والصواب، ولا شك أن هناك حالات استثنائية تخالف ما ذكرته لكنها قليلة. ليتنا نستطيع الوصول إلى حالة من التناغم فيما يتعلق بسير الشريكين في طرقات الحياة وإلغاء فكرة أن على الرجل التقدم على شريكته بخطوة على الأقل، كي يثبت للعالم ولنفسه أفضليته، فمن الممكن أن يثبتها وهو ممسك بيدها ويسير بجانبها بنفس الخطى ونفس الاتجاه، وخاصة حين لا ينظر لتقدمها عنه كاستنقاص من رجولته.
مشاركة :